الاثنين، 30 يونيو 2014

الخجل



كثير من الشباب للأسف يعانون من الخجل ...
سواء الخجل من الجنس الآخر ...
أو الخجل من مواجهة الجموع ...

ويظهر ذلك إما في رفضهم الصلاة أمام الآخرين ...
أو رفضهم قراءة القراءات في الاجتماعات المختلفة ...
أو الهروب من التعامل مع الجنس الآخر ...

كما يظهر أيضا في التعامل مع الأصدقاء في المواقف المختلفة ...
في عجز عن الرد المناسب في الوقت المناسب ...

ويشعر الشخص الخجول بزيادة في ضربات القلب ...
وتلعثم في الكلام ...
وإحمرار الوجه ...
وأحيانا في الحالات الشديدة ...
تضفعف عضلاته فلا يستطيع أن يحمل رأسه بعنقه وترتعش ركبتاه !!!

والخجل هو نوع من الخوف ...
وعلاج الخوف كما قال الكتاب المقدس هو الحب ...

لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ.
(1 يوحنا 4 : 18 )

والمعنى المكتوب في الآية لا ينطبق فقط على علاقتنا بالله ...
بل ينطبق على علاقتنا بالناس أيضا ...

وقد أكد هذه الحقيقة القديس مار اسحق السرياني في كتاباته ...
حقيقة أن الخجل ينتج عن نقص المحبة ...

وجرب أنت إن كنت خجولا ...
أن تكون تتكلم وسط مجموعة من الأصدقاء ...
ثم ينضم إليكم شخصا لا تحبه ...

سوف تجد نفسك اضطربت ...
وتعلثمت ولم تعد قادرا على مواصلة الحديث بنفس السلاسة ...

العلاج الأهم والأول ... هو الحب ...
ولكنه وحده ليس كافيا ...
إذ أن الأمراض الروحية لا تشفى بمجرد قرار ...
بل تحتاج لكثير من الجهاد ...

حِب كل الناس ... كل الوقت ...
مهما صدر منهم ... ودون أن تنتظر شيئا منهم ...
هذا هو العلاج الأول والأهم ...

ولكن يجب أن يضاف إليه أمرين آخرين في غاية الأهمية ...
أولا الصلاة ...
وتنقية الفكر ...
لئلا تكون مخدوعا بأنك تحب ...
مع أنك في الحقيقة لازلت تكره من أعماقك ...

أما ثانيا : فالصوم ...
الصوم أمر هام جدا لشفاء النفس ...
وأقصد الصوم القوي الطويل ...
بإرشاد وبالتدريج وباعتدال طبعا ...

الصوم يقوي النفس ...
مثلما تقوي الرياضة البدنية عضلات الجسم ...
يجعل النفس أقوى وأشجع كثيرا جدا ...

وهكذا أيضا النسك بصفة عامة وليس الصوم فقط ...
فكل الأعمال النسكية هكذا تقوي النفس ...
وتشمل أيضا السهر والميطانيات ...
وسائر الجهادات النسكية التقشفية ...

أما الاستسلام للشهوات فهو يضعف النفس جدا ... من ناحية ...
ومن ناحية أخرى فهو يؤدي إلى الشعور بالذنب ...
وهذا بدوره يؤدي إلى مزيد من الخجل !!!

فإذا واظبت على الصلاة والصوم والحب ...
تصير شخصا قويا شجاعا ناجحا ...
حلوا لكل أحد ...
محبوبا من كل أحد !!!

السيد المسيح ... والصفر المطلق



من المعروف في علم الفيزياء ... أن أقل درجة حرارة يمكن أن تصل إليها المادة ...
هي الصفر المطلق ...
وقد قدره العلماء بـ - 273 ْ مئوية ...
وهي درجة لم يستطع العلماء الوصول إليها عمليا أبدا ...
بل إن أبرد مكان في الكون ويسمى (بوميرانج نيبيولا) ... ( Boomerang Nebula ) ...
يزيد درجة واحدة مئوية عن الصفر المطلق ...

ولذلك فإن أبرد مكان في الكون فعليا موجود على الأرض في مختبرات العلماء !!!
حيث استطاع العلماء الوصول إلى أبرد من ذلك ...

وعند درجات الحرارة المنخفضة هذه أي القريبة من الصفر المطلق ...
تكتسب المادة خواصا جديدة مثل أن تصبح موصلات فائقة ... ( Super Conductor ) ...

ومن ناحية أخرى فإنه قد قال الآباء الروحيين ...
أن الفترة اللازمة للانتقال من مستوى روحي إلى مستوى أعلى هي أربعون يوماً ...

وبما أن السيد المسيح هو شخص كامل ليس فيه نقص البتة ...
إذن فكل حياته على الأرض كانت نموا مستمراً ...
أي ليس عنده توقف في النمو ولا يوم واحد !!!

وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.
(لوقا 2 : 52 )

فإن أردنا حساب كم مستوى روحي ... أو كم قامة روحية إرتفع السيد المسيح وقت خدمته ...
سوف نجد ما يلي ...

لما بدأ السيد المسيح خدمته كان له نحو ثلاثون عاما ...
30 × 365.25 = 10958 يوماً

وبالقسمة على أربعون لتحديد عدد القامات الروحية ...
10958 ÷ 40 = 273 تقريبا

وبإعتبار أنه كلما نما الانسان روحيا ...
كلما نقصت ذاته البشرية وأنانيته ...
وكلما زاد حلول الله فيه ...

إذن لو مزجنا بين العلم والروحيات ...
نستطيع القول أن السيد المسيح قد كان إلها متجسدا ...
حيث أن ناسوته ... أو ذاته البشرية ...
قد وصلت إلى أقل وجود ممكن لأي إنسان ...
أي الصفر المطلق للذات !!!

فصار ناسوته موصلا فائقا للاهوت على الأرض بين البشر !!!

ملحوظة : ...
هذا مجرد تأمل بسيط طريف ...
أرجو ألا يؤاخذني اللاهوتيون ...
ولا أن يقول لي أحد لا تخلط بين العلم والدين ...
مثل أولئك الذي ينادون بعدم الخلط بين السياسة والدين !!!

رياضة شرب الشاي


إن كنت كسولا مثلي ...
وتعاني من قلة الحركة ...
وعدم توفر الفرص لممارسة الرياضة ...

إما لسوء الحالة الجوية ...
أو لضيق الوقت ...
أو لأي سبب آخر ...

فقد أثبتت الدراسات الطبية ...
ان ممارسة بعض الأعمال المنزلية البسيطة ...
مثل غسيل الأطباق ... وتنظيف المطبخ أو الحمام ...
والذهاب إلى مشاويرك مشيا بدلا من الركوب بقدر الإمكان ...

يمكن أن يقدم بديلا مناسبا إلى حد ما لممارسة الرياضة ...
لكي تحافظ على صحتك ... ولياقتك ...

بالطبع أنا لا أكلم الأطفال ولا الشباب ...
فهؤلاء يجب وينبغي أن يمارسوا رياضات قوية ونشيطة لكي يبنوا أجسادهم ...

ولكني أكلم كبار السن مثلي ...
فإن كنت من هواة شرب الشاي مثلا ...
وتحب أن تشرب عدة أكواب كل يوم ...

إعمل ذلك بنفسك ...
ولا تطلب من أحد آخر أن يعمله لك ...

حتى في العمل ...
لا تطلب من عامل البوفيه أن يقدم لك المشاريب وأنت جالس
بل قم أنت وإعمل لنفسك الشاي والقهوة إن أمكن ذلك ...

بل إنتهز كل فرصة لكي تقف من على مكتبك ...
وإياك أن تقضي فترة عملك كلها جالسا ...

في بحث قديم أجروه في إنجلترا ...
قارنوا بين سائقي الأتوبيسات ... وسائقي الترولي باس ...
من ناحية صحتهم ولياقتهم وأمراضهم وأعمارهم التي يعيشونها ؟؟؟

وقد كانت النتائج مذهلة ...
إذ أنهم إكتشفوا أن سائقي الترولي باس ...
أفضل صحة وأكثر لياقة وأطول عمرا من سائقي الأتوبيسات ...
مع أنهم يعملوا في ظل نفس الظروف من زحام المرور والضغوط النفسية ...

إلا أن هناك فرقا واحدا نتج عنه هذا افارق الكبير في صحتهم ...

ألا وهو أن سائقي الترولي باس يعملون وهم وقوف ...
بينما سائقي الأتوبيس ... يجلسون كما هو معروف !!!

وفي أبحاث حديثة ثبت أنه لكي تتجنب أمراضا عديدة مثل مرض السكري وغيره الكثير ...
يجب ألا تستمر جالسا مدة أكثر من نصف ساعة متصلة ...

بل يجب أن تقف كل نصف ساعة ...
بضعة دقائق ... ثم يمكنك أن تعاود الجلوس !!!

بعض المكاتب في الخارج قد صممت لكي يعملوا وهم وقوف ...
لكي يحافظوا على صحتهم ولياقتهم ...
فالكمبيوترات قد تم وضعها بطريقة تناسب الشخص وهو واقف ...
لكي يتم عمله من خلالها واقفا ...
ويوجد في جانب من المكتب أريكة صغيرة لمن تعب من الوقوف لكي يستريح قليلا ...

ومن المعروف بصفة عامة أن الحياة الشاقة تطيل العمر ...
فمعظم المعمرين كانوا فلاحين أو عمالا ممن يعملون بأيديهم وهم وقوف ...

وفي الحياة الروحية عديد من التداريب والفرص التي تساعدك على الوقوف والحركة ...
فالصلاة واقفا وعدم الكسل في ذلك ...
يفيد ليس روحك فقط ... بل جسدك أيضا ...

كما أن الميطانيات ...
إذا عملتها بطريقة صحيحة (أن تنزل بركبتيك أولا ... وليس برأسك أولا) وبإنتظام ...
تكون سبب فائدة كبيرة ...
أيضا لكلل من روحك وجسدك !!!

أيوب أفندي

أيوب البارأيوب البار

البعض يظنون أنهم أبرارا وكاملين ...
ويرفضون قبول أي وعظ أو تعليم ...

وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هذَا الْمَثَلَ:
(لوقا 18 : 9 )

ويصرون على إعتبار ما يلحقهم من تجارب وضيقات هو إضطهاد من الله ...
وليس تقويما وتهذيبا وإصلاحا لعيوبهم ...

مع أن أحد القديسين قال : ...
الوصول إلى الكمال هو سقوط مريع !!!
بمعنى أن اليوم الذي تظن فيه أنك وصلت إلى الكمال ...
تكون قد سقطت سقوطا مريعا ...
إذ يجب على الإنسان دائما وأبدا ...
أن يسعى لكي يكون أفضل !!!

وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ.
(يوحنا 10 : 10 )

متبنين في ذلك موقفا يشبه إلى حد ما موقف أيوب البار ...
مع الفارق الكبير ...
حيث أن أيوب كان بارا فعلا ...

أما هؤلاء فتكون حياتهم مليئة بالنقائص والضعفات ...
ولكنهم يرفضون الاعتراف بها ...
أو حتى مجرد التفكير فيها ...
ناهيك عن سماع الوعظ والتعليم عنها ...

لذلك فهم يمثلون صورة ضعيفة جدا ... باهتة جدا ... من الصديق أيوب البار ...
لأن ذاك كان بارا بالفعل ... أما هؤلاء فيكفي القول عنهم ...
أيوب أفندي :)

وللخروج من هذه الأزمة ...
وهذه المعضلة ...
يجب على الانسان ...
كل إنسان ...
أولا وقبل كل شيء أن يطلب من الله من أجل أن يعرفه : ...
عيوبه وأخطاؤه ونقائصه وخطاياه ...

على أن يطلب ذلك بإصرار وإلحاح ...

ليس يوما واحدا ولا إثنين ولا ثلاثة ...
بل شهرا كاملا من الزمان !!!

وهذه هي نصيحة من الأب الراهب المتنيح ...
القمص متى المسكين ...
وقد قالها في أحد عظاته ...

ولقد جربها كثيرون ...
وإختبر بركتها كثيرون ...

بل كانت سبب في تغيير حياة كثيرين ...
بل إنها هي البداية الحقيقية الصادقة للحياة الروحية الحقيقية مع الله ...

يقول االقديس مار اسحق السرياني : ...
لن تستطيع أن تصل إلى محبة الله دون أن تعرفه ...
ولن تستطيع أن تعرفه دون أن تعرف ذاتك أولا ...
ولن تستطيع أن تعرف ذاتك دون تجارب !!!
فعندما يريد الله - تبارك اسمه تأديب إنسان ما ...
يرسل له التجارب ...

لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ».
(عبرانيي 12 : 6 )

فإن كان عاقلا وطلب من الله الحكمة ...
عرفه من خلال التجارب ... عيوبه وأخطاؤه وخطاياه ...
ومن خلال معرفة عيوبه ...
ينمو بالتدريج حتى يعرف ذاته ...

وعندما يعرف ذاته ... يعرف الله ...
وعندما يعرف الله ... يحبه ...
وهذه هي غاية جهاد جنس المسيحيين كلهم !!!
بل إن هذه هي الحياة الأبدية ... أي الملكوت !!!

وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.
(يوحنا 17 : 3 )

الحب والفرح



الحب والفرح مرتبطان إرتباطا وثيقا جدا ...
والسلام ثالثهما ...
وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ ... إلخ،
(غلاطية 5 : 22 )


فأعظم فرح في حياة الإنسان هو فرح الحب ...
حتى إنه عندما تتوج قصة حب بالزواج ...
يسمون حفل الزواج "فرح" ...

والانسان كلما كان له محبون كثيرون ...
كلما زاد فرحه ...
وقديما قالوا : ...
"إن الحب لا يشترى إلا بالحب"
فإن أردت أن تفرح بأحباء كثيرين ...
يجب أن تحب أنت كثيرا أولا ...
أقصد المحبة الأخوية بالطبع ...

والزوجين في الأسرة ...
كلما زادت مشاعر الحب بينهما ...
وعبرا عنها لبعضهما البعض بطريقة سليمة ...
كلما زادت سعادتهما وفرحهما ...
هما وأبنائهما ...

وإن كانت العلاقات الانسانية مهما كان فيها من حب ...
فإن فرحها لا يخلو من شوائب من وقت لآخر ...

لكن أعظم فرح ... هو الذي يأتي من أعظم حب ...
حب أعظم حبيب ... وأجمل حبيب ...
أي ... محبة الله ...

وهي الحالة التي يسعى إليها جميع المجاهدين والعباد والنساك ...
يسعون أن يصلوا إلى محبة الله ...
التي هي بداية مذاقة الملكوت ...

فعندما تتحول عبادتنا إلى حب ...
ويصير كل ما نعمله لله هو من أجل التعبير عن الحب ...
عندئذ يفرح الانسان ...
ويكون فرحه كاملا !!!
اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً.
(يوحنا 16 : 24 )

الاثنين، 23 يونيو 2014

الحب اعظم علاج للألم


وَأَمْسَكَ بِيَدِهَا وَنَادَى قَائِلاً: «يَا صَبِيَّةُ، قُومِي!».(لوقا 8 : 54 )
وَأَمْسَكَ بِيَدِهَا وَنَادَى قَائِلاً: «يَا صَبِيَّةُ، قُومِي!».(لوقا 8 : 54 )

مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي ... مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ
(متى 25 : 36)

لقد أمرنا السيد المسيح بزيارة المرضى والمحبوسين والحزانى ...
ووعد بمكافأة من يفعل ذلك ...
لماذا : ...

الحقيقة هي لأن المحبة هي أعظم مسكن للألم ...
سواء الجسدي أو النفسي ...

لذلك فإن الله يرسل محبين للمتألمين من أحباؤه ...
لكي يخفف عنهم آلامهم ...

كما أن الخادم الذي يتحمل ألم الصوم نهارا ... وألم السهر ليلا ...
من أجل محبته للملك المسيح ...
ومن أجل محبته لأولاده ومخدوميه ...

فإن الله يكافؤه بأبناء روحيين يفرح بهم ...
ويعزيه بثقتهم فيه ومحبتهم له ...

ما يفعله الألم في نفس الإنسان هي أنه يسبب حزنا ...
وما تفعله المحبة هي العكس تماما ...
إذ أنها تسبب فرحا ...

ففرح المحبة يلاشي حزن الألم ...
فيصير الإنسان سعيدا صابرا ...

أما من ليس له أحد يذكره أو يزوره ...
فهؤلاء يعزيهم الله بنفسه ...
بتعزيات السماء ...
ويزورهم هو بنفسه ...
بزيارات النعمة !!!

خطية الغباء



بعض الخطايا كالأمراض ...
لا يمكن التخلص منها بمجرد التوبة والاعتراف ...
بل يحتاج الأمر إلى جهاد كثير وعلاج طويل ...
حتى يتم الشفاء من تلك الخطية والتخلص منها ...

مثال ذلك الخوف ... والشهوة ... وأيضا الغباء أو الحماقة ...

والكتاب المقدس تكلم كثيرا في أسفار الحكمة عن الحماقة مستنكرا اياها ...

فالإنسان قد خلق له الله عقلا قادرا على التفكير والتبصر في الأمور ...
وعدم استخدام هذا العقل بسبب الكسل والبلادة العقلية هو خطية في حد ذاتها ...
تؤدي إلى خطايا أعظم متعلقة بالحماقة ومترتبة عليها ...

ولست أقصد بالطبع درجات الغباء المرضية كالتخلف العقلي ...
ولكن أقصد الانسان الطبيعي متوسط الذكاء ...
هذا إن لم يجاهد بفكره لكي يبني نفسه ...
يصير أحمقاً !!!

والحماقة تظهر في الحديث وفي التصرفات ...
وقد كان البابا كيرلس السادس عندما يرى شخصا يتصرف بحماقة ...
يقول له : ...
إعمل لك عقل يا بني !!!

إذن ومن هذا المفهوم ... يجب على كل إنسان أن يعمل لنفسه عقلا ...
وإلا ظل أحمقاً ...

باطن الاحمق كاناء مكسور لا يضبط شيئا من العلم
(يشوع بن سيراخ 21 : 17 )

والانسان لكي يصير حكيما ويتخلص من الحماقة ...
يجب عليه أولا أن يتتلمذ على الحكماء ...
في الكنيسة ومن خلال الكتب ...

كما يجب أن يقرأ كثيرا في الكتاب المقدس وسائر الكتب ...
ويسأل كثيرا ... ثم يجب أيضاً أن يتأمل كثيرا ...

فالقراءات والاجابات الكثيرة التي نتلقاها خلال حياتنا من آخرين ...
تكون مرصوصة في العقل بجوار بعضها مثل "الصورة اللغز" التي يلعب بها الأطفال وهي مبعثرة ...

أما التأمل ... فهو الوسيلة الوحيدة لاعادة ترتيب أجزاء اللغز ... لكي تكتمل الصورة واضحة ...
أو ترتيب تلك الأفكار في بنيان متكامل ... وليس أجزاء مبعثرة لا علاقة لها ببعضها البعض !!!

كما أن من أهم وسائل إقتناء الحكمة ... هو الجهاد النسكي ...
فالقديس مار اسحق السرياني قد قال : ...
إنه يستحيل أن يخضع لك عقلك ... إن لم يخضع لك جسدك أولا ...

وأيضا الكبرياء والأنانية وحب الذات هم واحد من أهم أسباب الحماقة ...
حيث يطالب الإنسان بأشياء .. هو في نفس الوقت لا يعملها من أجل قريبه ...
فيبدو تصرفه في منتهى الحماقة ...

كما أنه يطالب أيضا بأشياء ... ويدعي لنفسه أشياء ...
ليست من حقه ... ولا من الأدب قولها ...
وذلك بدوافع الأنانية والكبرياء ...

إذن التلمذة والقراءة والتأمل هم الجهاد الأول ضد الحماقة ...
والنسك أي جهاد الجسد هو الجهاد الثاني ضد الحماقة ...
ومحبة القريب كالنفس ... هي الجهاد الثالث ضد هذه الرزيلة أي الحماقة !!!

الانسان الروحي لابد أن يكون حكيما ...
بل إن جميع أصول الإتيكيت والبروتوكل مأخوذة أصلا من تعاليم الكتاب المقدس ...
وأول مبادئ الإتيكيت قد وضعها رهبان مصر في الأسقيط ...
ومازال العالم كله يعمل بها حتى اليوم !!!

يحكى أن البابا كيرلس السادس كان تعليمه بسيطا لا يزيد عن الثانوية العامة ...
وعاش راهبا بسيطا طيلة حياته بعيدا عن المحافل والرؤساء ...

فلما أختير من الله بطريركا ...
خاف البعض أن يتصرف تصرفات خاطئة ضد الإتيكيت والبروتوكولات الرسمية ...
خاصة مع رجال الدولة والضيوف الرسميين ...

فأحضروا أناسا متخصصين في ذلك المجال ... دارسين له جيدا ...
وطلبوا منهم أن يقفوا قريبا من البابا مستعدين ...
للتدخل في أي لحظة قد يرتكب فيها البابا خطأً حسب تخيلهم ...

والعجيب أنهم لم يحتاجوا للتدخل مطلقاً ... ولا حتى مرةً واحدةً ...
إذ أن البابا كان يتمتع بحكمة عالية وحس روحاني من الله ...
لم يحتج معه لأن يتعلم من البشر !!!

وَيَكُونُ الْجَمِيعُ مُتَعَلِّمِينَ مِنَ اللهِ. فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنَ الآبِ وَتَعَلَّمَ يُقْبِلُ إِلَيَّ.
(يوحنا 6 : 45 )

الايمان ... والنعمة ... والأعمال

الصلاة الأخيرة للشهداء المسيحيين - للفنان "جان ليون جيروم" (1824–1904)الصلاة الأخيرة للشهداء المسيحيين - للفنان "جان ليون جيروم" (1824–1904)

بالإيمان نمارس الأسرار ...
ومن الأسرار ننال النعمة ...
والنعمة تعيننا على الجهاد ...
والجهاد يجعل النعمة تثمر فينا !!!

النعمة تحثنا على الجهاد ... وتسهله لنا ... وتعيننا على القيام أي عدم السقوط ...
والجهاد يجعل النعمة تثمر فينا ثمر الروح ... وتعطينا عطايا ...
والجهاد يزيد من النعمة وفاعليتها في النفس ...

والجهاد ثلاثة : ...

أولا : جهاد الجسد ...
ويشمل الصوم والسهر والسجود والميطانيات والتعب بقدر الامكان ...
النجاح في جهاد الجسد يقوي رجاء النفس ويفرحها ...
والفشل فيه يقود إلى الإنغماس في شهوة الجسد ...
وبالتالي السقوط في الإكتئاب والملل والضجر والحزن ...

ثانيا : جهاد العقل ...
ويشمل الصلاة والقراءة والتأمل والتلمذة بصفة عامة ...
النجاح في جهاد العقل (أي الفكر) يقوي الإيمان ويعطي سلام ...
والفشل فيه يقود إلى الإنغماس في محبة المال (أي شهوة العيون) ...
وبالتالي السقوط في الخوف ...

ثالثا : جهاد النفس ...
ويشمل الحب ... بدون شروط ... وبدون تمييز ...
النجاح في جهاد النفس يقوي المحبة  ويقود إلى الفرح ...
والفشل فيه يقود إلى والكبرياء وشهوة المجد (أي تعظم المعيشة) ...
وبالتالي السقوط في الحقد !!!

جهاد الجسد والعقل يبدءان سويا ... ويمشيان معا طوال الطريق ...
وجهاد النفس يتبعهما لاحقا ...

إن كنت أمينا في هذا الطريق ...
توهب نقاوة القلب التي هي أعظم عطية روحية ...
وتشمل الإتضاع أي إنكار الذات ...
وبها نعاين الله ونستنير بنوره !!!

فقالَ الرّجُلُ: "أحِبّ الرّبّ إلهَكَ بِكُلّ قَلبِكَ، وبِكُلّ نَفسِكَ، وبِكُلّ قُوّتِكَ، وبِكُلّ فِكرِكَ، وأحِبّ قَريبَكَ مِثلَما تُحِبّ نَفسَكَ"
(لوقا 10 : 27 )

لاحظ التطابق بين عناصر الانسان كما في هذه الآية ...
أي القلب والنفس والقوة والفكر ...
وشهوات العالم : أي شهوة العظمة (القلب والنفس) ...
وشهوة الجسد (القوة أو القدرة) ... وشهوة العيون (الفكر) ...
والفضائل العظمى : أي إنكار الذات والمحبة والرجاء والإيمان ...
وثمر الروح ... أي المحبة والفرح والسلام !!!

صغر النفس

شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ. 
(1 تس 5 : 14 )شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ. (1 تس 5 : 14 )

للنفس عمر ... يختلف في كثير من الأحيان عن عمر الجسد ...
وذلك بسبب إضاعة العمر في التفاهات وليس في بناء النفس ...

ولو أردنا وضع تعريف محدد لصِغَر النفس بناءا على ما سبق ... فإنه يكون : ...
نقص عمر النفس وقوتها عن عمر الجسد وقوته ...
فقد تكون شابا بالجسد ... ولكنك لا تزال طفلا أو رضيعا بالروح ...
وهي حالة وصفها معلمنا بولس الرسول عندما قال : ...

سَقَيْتُكُمْ لَبَنًا لاَ طَعَامًا، لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ، بَلِ الآنَ أَيْضًا لاَ تَسْتَطِيعُونَ،
(كورنثوس الأولى 3 : 2 )

من يريد كمال الأجسام يفعل ثلاثة : ...
يتغذى جيدا ...
ويمارس رياضات قوية ونشيطة بانتظام ...
ويهتم بنظافة جسده وصحته وسلامته ...

كذلك من يريد كمال نفسه يجب عليه أن يهتم بثلاثة : ...
أولا ... المحبة ... للجميع ... دون شروط ... وبلا تمييز ...
وهذا هو غذاء النفس ...
وأهم الجهادات ... جهاد المحبة ...

الْمَحَبَّةَ تَبْنِي.
(كورنثوس الأولى 8 : 1 )

وأن يمارس النسك ... الصوم والسهر والسجود ...
وتعب الخدمة من أجل الله والآخرين ...
وهذه هي الرياضة الروحية ...
وهذا هو جهاد الرجاء ...
لأن من يحرم جسده من شهوته ... ويتحمل ألم الجوع والسهر والتعب ...
يفعل ذلك على رجاء عطية الله ...

لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيل، وَلكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ.
(1 تيموثاوس 4 : 8 )

وأيضا وفوق الكل أن يهتم بالصلاة والقراءة والتأمل والتلمذة ...
والطلبة من الله من أجل معرفة عيوبه وأخطاؤه وخطاياه ...
وهذه هي الصحة والسلامة والنظافة ...
وهذا هو جهاد الإيمان ...

أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ.
(انجيل يوحنا 15 : 3 )

علما بأن جميع هذه التداريب لا جدوى لها بدون النعمة ...
ولا يمكن إقتناء النعمة بدون الأسرار ...
أي المعمودية والميرون والاعتراف والتناول ... الخ ...
ولا يمكن ممارسة الأسرار والإستفادة من بركاتها بدون الإيمان !!!

كما يجب مراعاة أن جهاد المحبة هو الأهم والأسمى ...
إلا أنه لا يمكن إتقانه وإقتناؤه بدون النجاح في الإيمان والرجاء أولا !!!

أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ.
(كورنثوس الأولى 13 : 13 )

بهذه الطريقة ... وهذه الطريقة فقط ...
يمكن شفاء النفس من كافة أمراضها وضعفاتها وعيوبها وصغرها ...
وتنمو النفس وتتقوى وتشبع وتدسم فرحاً !!!

كَمَا مِنْ شَحْمٍ وَدَسَمٍ تَشْبَعُ نَفْسِي، وَبِشَفَتَيْ الابْتِهَاجِ يُسَبِّحُكَ فَمِي.
(مزمور 63 : 5 )

الموت


آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ.
(كورنثوس الأولى 15 : 26 )

العالم يخاف الموت ... ولا يطيق حتى ذكره ...
بل إن الخوف منه يتحول إلى نوع من الوسواس عند البعض ...
يسيطر على كل أفكارهم فترات طويلة من حياتهم ...

لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ.
(رومية 14 : 8 )

بل إن إنغماس العالم في الشهوات ما هو إلا محاولة للهروب من الموت وذكره ...

لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ.
(رومية 8 : 13 )

ولكن يوجد من يشتهون الموت ...
إما بسبب شدة المعاناة من آلام المرض ...
أو لسبب الحزن من فراق الأحباء ...
أو لسبب الفشل في الحياة ...

وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ».
(رؤيا 21 : 4 )

ولكن يوجد قليلون في هذا العالم ...
يشتهون الموت بسبب محبتهم للملك المسيح ...

لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا.
(فيلبي 1 : 23 )

مخافة الله



رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللهِ.
(يشوع بن سيراخ 1 : 16 )

بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ، وَمَعْرِفَةُ الْقُدُّوسِ فَهْمٌ.
(أمثال 9 : 10 )

الحكمة في الكتاب المقدس هي طريق الله ... واقتناء الفضائل ...
والحماقة هي طريق العالم وارتكاب الخطايا ...

فإن كان بدء الحكمة هو مخافة الله ... حسب الوحي المقدس ...
إذن فمخافة الله هي أمر هام جدا لحياتنا ...

والقديس مار اسحق السرياني يقول : ...
إلزم مخافة الله ... تصل باب الملكوت خلال أيام قليلة ... ولا تجعل طريقك مستديرة !!!

كثيرون يسيئون فهم قول القديس أنبا أنطونيوس : ...
أنا لا أخاف الله ... لأني أحبه ...

وذلك لأنهم لا يعلمون متى قال القديس أنبا أنطونيوس هذا القول ...
لم يقله في بداية حياته الروحية ...
لكنه قاله بعد أكثر من ثلاثين سنة من الجهاد الروحي الشاق في البرية ...

ولكي نفهم الصورة كاملة ...
لنسمع قول القديس مار اسحق في هذا الأمر : ...

كما أنه يستحيل عبور البحر العظيم والسلوك فيه دون مركب ...
هكذا يستحيل الوصول إلى محبة الله ... دون مخافته !!!

إذن فالأنبا أنطونيوس عندما قال قوله المذكور أعلاه ... كان قد إجتاز ذلك البحر العظيم ... ووصل إلى محبة الله ...
وهي درجة روحية عالية يصل لها المجاهدون بعد تعب كثير ...
وهي الراحة الحقيقية ...
كما قال أحد القديسين ...
أنه لا يمكن الوصول إلى الراحة إلا بالوصول إلى محبة الله

وكما وصف أحد الآباء مراحل الطريق الروحي قال: ...
إن الانسان يجب أن يوفي أولا عبودية العبيد ... وهي مرحلة الخوف ... أو الإيمان ...
أي التي يعبد الله فيها خوفا من العقوبة ... سواء في الدنيا أو الآخرة ...

ثم يرتقي بعدها إلى مرحلة الأجير ... وهي مرحلة الرجاء ...
أي التي يعبد الله فيها من أجل عطاياه سواء في الدنيا أو الآخرة ...

ثم يصل بعد ذلك إلى أرقى مرحلة ...
أي مرحلة بنوة البنين ... أي المحبة ...
وهي التي يعبد الله فيها ... لا خوفا من عقوبة ... ولا رجاءا في عطية ...
ولكن من أجل محبته له كأبيه الصالح !!!

وتوجد تداريب كثيرة لاقتناء مخافة الله ...
منها عدم الاستسلام للراحة واللعب وكثرة الضحك ...

وأيضا تدريب هام جدا ...
وهو أن تدرب نفسك على الوجود دائما في حضرة الله ...
تشعر ذاتك أن عين الله تنظر إليك ...
أو أن نوره يشرق عليك ...

وذلك يعطيك شعورا بالتوقير والاحترام الدائم ...
فلا تفعل شيئا ضد الحياء ...
ولا تجلس بانحلال ... حتى لو كنت وحدك تماما ... ولا يوجد أحد ينظرك !!!

الأصدقاء


كثرَةُ الأصحابِ تَضُرُّ‌،
وكم مِنْ مُحبٍّ أقربُ مِنْ أخٍ.
(أمثال 18 : 24 )

كثرة الانشغالات تسرق عمر الإنسان ...
وكثرة الأصحاب تشغل الانسان ... وتشتت ذهنه ...
كما أنها تضطره لكثرة الكلام ...

كثرَةُ الكلامِ لا تَخلو مِنَ الخطأِ،
ومَنْ ضبَطَ شفَتَيهِ فهوَ عاقِلٌ.
(أمثال 10 : 19 )

يجب على الشاب أن يقلل من أصحابه ... لكي يقلل من همومه ...
والقديس أنبا أنطونيوس قال : ...

أحبب كل أحد ... وإبتعد عن كل أحد
وكان قداسة البابا كيرلس السادس ينصح أولاده دائما بالاقتصار ...
والاقلال من الاختلاط ...

وهذا يعطي فرصة للإنسان أن يقلل من همومه ...
وأيضا لكي يبني نفسه !!!

ذات مرة ...
سألني رجل بسيط في قرية كنت أعمل بها ...
لماذا لا تأتي معنا للعب الكارتة (الكوتشينة) ...
فقلت له إني لا أحب تلك اللعبة ...
فتعجب قائلا : ...
إذن كيف تضيع وقتك ؟؟؟
فأجبته : ...
وقتك هو عمرك ...
إن كنت تضيع وقتك ... فأنت تضيع عمرك !!!

فأطرق الرجل بنظره إلى الأرض وقال : ...
صدقت !!!

الزيت

فلْيُضِىءْ نورُكُم هكذا قُدّامَ النّاسِ ليُشاهِدوا أعمالَكُمُ الصّالِحةَ ويُمَجّدوا أباكُمُ الذي في السّماواتِ. (متى 5 : 16 )فلْيُضِىءْ نورُكُم هكذا قُدّامَ النّاسِ ليُشاهِدوا أعمالَكُمُ الصّالِحةَ ويُمَجّدوا أباكُمُ الذي في السّماواتِ. (متى 5 : 16 )

تأملات في مواد الأسرار ...
التأمل في مادة كل سر يفهمنا الكثير عن السر وعن طبيعة الله (2) ...


السيد المسيح هو نور العالم ...
والزيت هو رمز من رموز الروح القدس ... ويستخدم في سر الميرون المقدس ...
وكما ان النور يحتاج الى فتيلة وزيت وقوة تحفظه من الريح لكي ينير ...

هكذا فان السيدة العذراء (الفتيلة) ...
احتاجت الى الروح القدس يحل عليها (الزيت) ...
وقوة العلي تظللها لكي يتجسد منها المسيح (النور) ... 

وفي حياتنا نحن نحتاج إلى الروح القدس وقوة الاب لكي يتجسد المسيح فينا (النور) ونضيء للآخرين ...

وكما ان الزيت يضيء من خلال فتيلة محترقة ...
هكذا فان الروح القدس يجعلنا نضيء ونخدمه مهما كان ضعف أجسادنا او مرضها ...
فان صحة الجسد ليست أساسية للخدمة طالما الانسان متصل بالروح القدس ...

الزيت يستخدم كغذاء ودواء وطيب وللانارة ...
هكذا فإن الروح القدس يغذي أرواحنا ...
ويعالج جفافها ... ويفوح منها برائحة عطرة للجميع ...
وينير أنفسنا بل ويجعلنا نوراً ...

 جمال نور السراج لا يعتمد على الفتيلة بل على الزيت ...
هكذا فإن حلاوة الخادم تنبع من الروح القدس الذي يملأه ...
  . 

اذا ابتلت الفتيلة بالماء لا تضيء ....
او تتسبب في اضطراب الشعلة ...
وخروج شرار منها ...
هكذا اذا استسلم الخادم للشهوة ...
تضطرب خدمته ... وتخرج منها عثرات !!!

تأمل في سر الإفخارستيا

أنا هوَ خُبزُ الحياةِ. 
(يوحنا 6 : 48 )أنا هوَ خُبزُ الحياةِ. (يوحنا 6 : 48 )

التأمل في مادة كل سر وطريقة إعدادها ...
يفهمنا الكثير عن السر وعمله فينا ... وعن طبيعة الله ...


الخبز هو الغذاء الرئيسي للإنسان ... هكذا فان السيد المسيح هو أساس الحياة ...

لأنّ خُبزَ اللهِ هوَ الذي يَنزِلُ مِنَ السّماءِ ويُعطي العالَمَ الحياةَ".
(يوحنا 6 : 33 )

الخمر شراب شهي ... يسكر العقل ... ومطهر جيد للجروح ...
هكذا دم المسيح يفرح النفس ... ويعطي العقل سلاماً ... ويطهرنا من كل خطية ...

يصنع الخبز من طحن القمح ... ويصنع الخمر من عصر العنب ...

هكذا نأخذ البركات الروحية من التأمل في كلمة الله
فالكلمة تشبه حبات القمح او العنب ...
والتأمل مع النسك يشبه الطحن والنخل والعصر والتصفية ...

المراحل التي يمر بها الخبز والخمر حتى يستخدموا في التقدمة ...
هي نفس المراحل التي يمر بها الانسان الروحي حتى يؤهل لخدمة الله ...

القمح
يزرع ... يحصد ... يطحن ... يختمر ويخبز ...

العنب
يزرع. يحصد. يعصر. يختمر. 

وكلاهما يقابل مراحل تطهر وشفاء كل من : ...
الفكر ... والقدرة ... والنفس ... والقلب ...

وبعد تلك الخطوات يشترك الجميع في انهم يتقدسوا بالصلاة.
 ثم يقدموا للعابدين. أي يقوموا بالخدمة !!!

جَسَدي هوَ القوتُ الحَقيقيّ،
ودَمي هوَ الشّرابُ الحَقيقيّ.
(يوحنا 6 : 55 )

الاثنين، 16 يونيو 2014

الألم طريق الفرح



إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ.
(رومية 8 : 17 )

لا يوجد طريق للسعادة على الأرض سوى الألم
بدءاً من ألم الحمل والولادة الذي يعطينا فرحة النسل 
مروراً بآلام التربية للآباء وآلام النمو للأبناء ...

مثل عديد من الأمراض يمر بها الطفل ...
وآلام التسنين ... ثم خلع الأسنان اللبنية وظهور الأسنان الدائمة ...
ثم آلام وتعب التعلم والدراسة والتي تعطينا فرح النجاح ...

وآلام الاجتهاد في المنافسة التي تعطينا وظيفة جيدة ...
وآلام العمل التي تعطينا دخلاً جيداً ...

وآلام الأعداد للزواج والبحث عن شريك ...
وآلام العروس حتى تفرح بمعاشرة زوجها ...

وأخيرا الام الموت التي تعدنا للقيامة ...

فكما صلب المسيح ومات ثم قام ...
هكذا كل حياتنا ... صليب يعقبه قيامة ...
أي ألم يعقبه فرح ...

وينطبق هذا بصورة أعمق في حياتنا الروحية ...
فكلما قدمت تعباً من أجل الله ...كلما قدم لك الله فرحاً !!!

البطن ... سيدة الأوجاع



هذا قول مأثور للقديس مار إسحق السرياني ...
وهو الملقب بـ "العظيم في العارفين" ...

والأوجاع أو الأهواء التي وصفها الآباء هي ثمانية أوجاع تبدأ بالبطنة ...
ثم تشمل أيضا الكسل والجنس والقنية والغضب والحزن والغرور والكبرياء ...

وهذه الأوجاع ليست خطية في حد ذاتها ولكنها جذور الخطية ...
فالإستسلام لها يؤدي إلى سائر أنواع الخطايا ...

وفي تأمل لأحد الآباء ... سألأ سؤالا : ...
لماذا لم يجرب الشيطان السيد المسيح بتجربة الزنا ...
مع كونه شابا في مقتبل العمر ...
ويجيب نفس الأب : ...
لأنه إنتصر في تجربة الخبز !!!

فإذا لم ينهزم الإنسان من البطن ...
فمن الصعب أن ينهزم من الزنا ...

وفي علم النفس هناك ما يسمى بـ "هرم ماسلو للاحتياجات الانسانية" ...
وقد وضع هذا الهرم أولويات احتياجات الانسان ...
ورتبها بحيث تكون الحاجات البيولوجية من الطعام والشراب في مقدمة تلك الأولويات ...

كما أن أول وصية في الكتاب المقدس لآدم ... كانت نوعا من الصوم ...
وأول خطية كانت الأكل من شجرة معرفة الخير والشر ...

ومن الناحية الإيجابية ...
فقد قال أحد الآباء : ...
"إذا أرت تقويم أية فضيلة فإبدأ بالصوم !!!

الإنسان العتيق

القديس بولس الرسول يشفي المقعد في لسترةالقديس بولس الرسول يشفي المقعد في لسترة
Rom 6:3  أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ
Rom 6:4  فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِمَجْدِ الآبِ هَكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضاً فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ.
Rom 6:5  لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ نَصِيرُ أَيْضاً بِقِيَامَتِهِ.
Rom 6:6  عَالِمِينَ هَذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضاً لِلْخَطِيَّةِ.
Rom 6:7  لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ.
Rom 6:8  فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضاً مَعَهُ.
(رومية 6 : 3 - 8 )

أن نحيا مع المسيح ... يعني أن نقتني الإنسان الجديد الحي بالمسيح ... والمنتصر بالمسيح ...
ولكي نقتني هذا الإنسان الجديد يجب أن يموت العتيق أولا ...

ولكي يموت العتيق ويحيا الجديد ... لابد من النعمة ...
ولكي نقتني النعمة ... لابد أن نعتمد ...
ولكي نعتمد ... لابد أن نؤمن ...
ولكي نبرهن عملياً على إيماننا ... لابد أن نجاهد !!!

إذن بالإيمان نمارس الأسرار ...
ومن الأسرار نقتني النعمة ...
وبالجهاد تثمر النعمة ...
وبالجهاد والنعمة يموت العتيق ... ويحيا الجديد !!!