الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

تحب الرب الهك

Luk 10:27  
فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ 
مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ 
وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ 
وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ 
وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ 
وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». 
Mat 5:8  
طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ. 
......................................................
من الآيتين السابقتين نستخرج منهجاً رائعاً للحياة الروحية: ...
فأنت لن تستطيع أن تعاين الله إلا إذا كنتَ نقي القلب ...
ولن تكون نقي القلب إلا إذا أحببتَ الله من كل قلبك ...
ولن تستطيع أن تحب الله من كل قلبك إلا إذا شُفِيَت نفسك ...
من كل العيوب والنقائص والعقد والأمراض ...
ولن تُشفَى نفسك إلا إذا جاهدت من كل قدرتك ...
بالصوم والصلاة والسهر والتعب والعرق والدموع ...
ولن تستطيع أن تجاهد من كل قدرتك إلى إذا كان إيمانك سليماً ...
أي أن تجاهد من كل فكرك للتخلص من الشكوك والحيرة والجهل ... 
والانحرافات العقائدية والفكرية !!!
حينئذ فقط : ... تستطيـع أن ...
تُحِب قريبك كنفســـــــــــك !!!
كما أنك لن تستطيع أن تُكمل هذا الطريق إلى الله ...
بدون أن : ...
تُحِب قريبك كنفســــــــــك !!!
.................

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

علاج ضعف الثقة بالنفس

إن كنت تعاني من ضعف الثقة بالنفس ... فلا تيأس ...
لها حل بسيط جدا !!!

لن أعطيك محاضرة في التنمية البشرية ...
ولا عظة في الحياة الروحية ...

سأقول لك ببساطة ...
إبدأ بمحبة الناس ...
حب كل أحد كل الوقت ...
رغم كل ما تصادفه من أفعال محزنة من كثيرين ...
إستمر في الحب ...

ولابد أن الحُب الذي تقدمه ...
سوف تحصد من وراءه حباً أيضا ...

ومحبة الناس لك ...
 سوف تزيد ثقتك بنفسك ...
يوما بعد يوم ...

ولكن إياك واليأس ... وإياك والحقد والرغبة في الانتقام ...
لأن هذه تدمر النفس البشرية !!!

الخلاصة : ...
حِبّ ... تُحَبّ ... تفرح وتثق بنفسك ... 
وتزداد فرحا ونجاحا في كل يوم !!!

1Jn 4:18  لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ. 

(رسالة معلمنا يوحنا الرسول الأولى 4: 18)

الخميس، 5 سبتمبر 2013

كل أسبوع

أطفئ التليفزيون والتليفون والكمبيوتر ... وربما النور أيضا ...

وإغلق الباب ...

وإجلس على الأرض ...

على سجادة أو وسادة صغيرة ... واستند إلى الحائط ...
ربما على وسادة أخرى ...

خصص حديثك لله وحده ...

إستعرض تاريخ حياتك كله ... وأنت تتحدث مع الله ...
وأشكره كثيرا ...
على كل خير أعطاه لك ...
وعلى كل شر ... نجاك منه ...
وعلى كل شيء جميل في حياتك الآن ...

بدءا من النَفَس الذي تتنفسه ...
مرورا بأسرتك وبيتك وأجهزتك وملابسك وكتبك ...
وحتى كل ممتلكاتك ومقتنياتك ان وجدت ...

بعد أن تشبع فرحا من شكر الله ...
حاسب نفسك على كل خطأ وفشل وتقصير ...
تذكر كل الفرص التي أضعتها ...
تذكر كل الاساءات التي أسأتها ...
قدم توبة ... بدموع ... إن إستطعت ...

ثم أشكر الله ثانية على طول أناته عليك ...
وأن الفرصة مازالت قائمة ما دمت لا تزال حيا ...
وما فشلت في تحقيقه من خير على الأرض ...
يمكنك تعويضه في السماء ... بالتوبة والجهاد الروحي ...

قدم اشتياقات للتوبة والحياة المقدسة مع الله ...
لا تقدم نذورا ... ولا تعهدات ... بل اشتياقات
لأنه خير لك ألا تنذر من أن تنذر ولا توف ...

ثم إعرض على الله كل مشاكلك ومتاعبك ...
كل حيرتك وجهلك ...
كل شكوكك وضعف ايمانك ...
كل مخاوفك وقلقك ...
كل همومك ومتاعبك ...
كل حياتك ... إعرضها على الله ...
وكل مشاكلك ... قصها على مسامعه ...
وكل أحباءك ...
بل وكل أعداءك ...

إحك له عن أمورك في العمل ... أو عن الامتحان القادم ...
إحك له عن أبيك وأمك ... أو عن زوجتك وأولادك ...

حقا إنه عالم بكل شيء ...
لكنه يحبك ... لذلك يحب أن يسمع منك ...
يفرح بحديثك معه ... فيكافئك باجابة طلبتك ...

هل تذكر أيام الخطوبة ؟؟؟
كيف كنت تود لو تبق ساعات تتحدث مع من تحب ؟؟؟

هكذا فان الله - تبارك اسمه - يحبك ... ويفرح بحديثك معه ...

ان استطعت فإفعل ذلك كل يوم ...
وإن لم تستطع ... فكل أسبوع !!!

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

لا أحد يخطيء رغما عنه

لا أحد يخطئ رغما عنه ...

فالجسد والعالم والشيطان يعرضون عليك بضاعتهم ...
وروحك والملكوت والله يعرضون عليك بضاعتهم ...
وعقلك حرُ لكي يختار بين هذا وذاك ...

الشيطان يحسن لك بضاعته باغراءات كثيرة ...
والنعمة تعرض عليك المعونة بأقوال كثيرة ...
لكن لا طرف من الاثنين يغصبك على اتباعه !!!

فمهما اشتعلت بك الشهوة ... تستطيع أن ترفض ... والنعمة مستعدة أن تعينك ...
ومهما إنبهرت بسمو الفضيلة ... تستطيع أن ترفض ... والشيطان مستعد أن يبرر لك ذلك ... ...
وأنت وحدك الذي تقرر أي طريق تتبع ...

تتكرر هذه الخيارات عليك عدة مرات كل يوم ...

وفي كل مرة تتبع الفضيلة ... يضع الله في نفسك نعمة ...
وفي كل مرة تتبع الشر ... ينهب الشيطان من نفسك نعمة ...

ورصيدك في نهاية كل يوم ... يتحدد بسلوكك !!!

رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 8: 13
"لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ."

1. تحب الرب إلهك من كل فكرك - أ


1. كل فكرك ...

Luk 10:25 وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟»

Luk 10:26 فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟»

Luk 10:27 فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ».

وقد ذُكر في إنجيل متى 22: 40 ... أنه

"بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ»."
يقصد بالوصيتين: محبة الله ... ومحبة القريب ...

وقد رتب الوحي الإلهي هذه الآية العجيبة حسب خطوات قبول الإيمان ... فالانسان ينجذب قلبيا أولا نحو الله ... ثم ينفعل نفسيا به ... ثم يستجمع قدرته ويعد العدة للطريق ... ثم يعلن إيمانه بفكره ...

ولكن في الحقيقة فإن شفاء الانسان يحدث في الاتجاه الآخر ... أي يبدأ من الفكر ... ثم يتطور إلى القدرة ... ثم إلى النفس ... ثم إلى القلب ...

أولا الفكر: "تحب الرب إلهك ......... من كل فكرك"

يجب على الانسان الذي يريد أن يسير في طريق القداسة أن يحب الله من كل فكره ... وكلمة "كل" تشمل ... الكمية ... والنوعية ... والعمق والارتفاع ... والزمن ...

فمن جهة كمية أفكارك ... يجب أن تستخدم أكبر عدد ممكن من الأفكار لمحبة الله ... حسب ما قال معلمنا بولس الرسول في رسالتة الثانية إلى أهل كورنثوس 10: 5

هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ،

فيجب من جهة أن تكون كل أفكار الانسان لله ... ليس بداخله إنقسام بين مصالح شخصية ... وأسرة وعمل ومستقبل ... وخدمة والله إلخ ... بل الكل لله ... فأنت وأسرتك وعملك وخدمتك وكل مالك ... لله ... كل تلك الأشياء هي وزنات مقدسة لتعمل فيها لمجد الله ... فأنت إذن تفكر وتعمل وتربي الأولاد وتخدم ... بل وتلعب وتتنزه مع أسرتك ... من أجل الله ... والله فقط ...

ومن جهة أخرى ... يجب أن تستفيد بكل فكر عالمي بشري ... إن كان علم أو فن أو أدب أو فلسفة من أجل الله ... تستخدم الجميع لأجل مجد إسمه ... فالايجابي منه تنشره وتتأمل فيه ... والسلبي ترد عليه وتهدمه في عقول أولادك ...

وهذا يقودنا إلى عنصر العمق والارتفاع في الفكر ...
اقصد بالعمق ... أن تتعمق فهم الأشياء ودراستها وخاصة الكتاب المقدس والعقيدة والطقس ... وأقصد بالارتفاع ... أن تسمو بأفكارك وتتأمل في كل شيء ... بدءا من الكتاب المقدس ... ومنه إلى كل حياتك ... يجب ألا تترك مناطق مظلمة في فكرك ... بل إبحث وإجتهد وإدرس وإسأل وتأمل ...
فالتأمل بالنسبة للأفكار ... مثل الهضم بالنسبة للطعام ...
فالأفكار لن تأخذ موضعها الصحيح في عقلك دون تأمل ... قبل التأمل تكون أفكارك مرصوصة إلى جانب بعضها البعض ... ولكن بعدما تتعلم التأمل ... تتحول أفكارك إلى منظومة متكاملة وبناء شامخ !!!

رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي 4: 8
أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا.

وأما من جهة النوعية ... فلا حاجة بنا إلى القول أن جميع أفكارك يجب أن تكون مقدسة طاهرة جليلة ... حسب ما ورد في الآية السابقة أيضا ... وأنه لا يجب أبدا أن تسمح لنفسك بأفكار شريرة نجسة أو سلبية ... وهذا الأمر يتطلب جهدا وعناية ...

فالجهد يكون في تحصيل العلم وقراءة الكتب ... لشحن الفكر بالأفكار المقدسة ... وقد قال القديس العظيم أنبا أنطونيوس:
"إجهد نفسك في قراءة الكتب ... فهي تخلصك من النجاسة"

وكما هو معلوم أن العقل يعمل كماكينة لطحن ما تضعه فيه ... لذلك وجب علينا العناية جدا بما ندخله لفكرنا ... وما نقدمه لأولادنا ...

كما يجب العناية أيضا بأفكارنا على الدوام ... وهو ما يسمى بالسهر الروحي ... أو يقظة الفكر ... والانتباه طول الوقت لنوعية الأفكار التي تدور بأذهاننا ...

وهذا يقودنا إلى العنصر الآخر في تأملنا عن كلمة "كل فكرك" أي عنصر "الزمن" ... إذ يجب علينا تقديس فكرنا كل الوقت ... أي أن تكون أفكارنا مع الله طوال اليوم ... وأقول طوال اليوم ... يعني في اليقظة كما في المنام أيضا ...

وهو تدريب مفرح ممتع جدا ... يحول حياة الانسان من حياة روتينية مملة ثقيلة ... إلى أوقات بهية وحياة مفرحة ... فيجب علينا أن نتحدث مع الله طول اليوم ... يكون هو أول من نحدثه عند اليقظة ... ثم نستمر في الحوار معه باقي وقتنا ... فنبدأ يومنا بالشكر والسجود ... ثم نستمر في الحديث مع الله حسب كل موقف ... فقبل ارتداء ملابسك تطلب اليه أن يكسوك بالبر ويعطيك نعمة في عيون الآخرين وقبل الخروج تقول له أنك متوكل عليه ... وقبل عبور الطريق أطلب حمايته ... وقبل قيادة سيارتك أطلب قيادته هو وارشاده ... وقبل دخولك العمل أطلب بركته وحمايته ... وقبل دخولك في مقابلة أطلب حضوره وادارته هو للأمور ...

قبل خروج زوجتك وأولادك إلى أعمالهم تطلب لهم الحماية والبركة ... الخ ... وهكذا تظل طوال اليوم تتحدث مع الله ... فاذا كنت لا تجد ما تقوله ... يكفي أن تردد ببساطة "يا رب إرحم" وهي طلبة رائعة تشمل جميع الطلبات والصلوات ...

رددها طوال يومك وخاصة وأنت تعمل أعمالا يدوية لا ذهنية ... بدءا من غسيل أسنانك وأخذ دش في الصباح ... ثم في الطريق إلى العمل ... الخ

وأثناء قيامك بأعمال ذهنية تحتاج إلى التركيز ... إعمل بكل طاقتك ... ولكن لا تنسى أن ترفع قلبك من وقت لآخر لله بهذه الطلبة الجميلة ... خاصة وأنت بين الناس ... إنتهز فرص الصمت من وقت لآخر لتصلي ... سواء أثناء الصمت أو حديث الآخرين ... طبعا صلوات قصيرة سريعة ... لا تعطلك عن التركيز ومتابعة الحوار ...

هذا طبعا خلاف الصلوات الطقسية التي يجب أن تكرس لها أوقاتا مقدسة في يومك ... على الأقل في الصباح والمساء في المخدع ... وباقي اليوم ... يمكنك أن تصلي باقي سواعي الأجبية في المكتب ... أو ما تحفظه منها في الطريق أو أثناء أي عمل ...

فإن كنت أمينا على فكرك لله هكذا طوال يقظتك ... يعطيك الله أمانة على فكرك حتى أثناء نومك .... فتتحول أحلامك إلى أحلام مقدسة ... صلاة وتناول وكنيسة وقديسين ... بل إن البعض يجدون أنفسهم يرددون بعض الصلوات وقطع الأجبية عندما يستيقظون من النوم ...

وهذه هي الخطوة الأولى في شفاء الانسان ... وتسمى ... نقاوة الفكر !!!
(سامحوني على الإطالة )
(يتبع)

3. من كل فكرك - جـ - التأمل

3. من كل فكرك ...

جـ - التأمل : ...

والتأمل عمل روحي هام وحيوي جدا ...
فقد قال مار اسحق السرياني : "إلزم الفقر والتأمل" ...
وهو طريق مضمون للوصول إلى نقاوة القلب ... إلا أنه محفوف بالمخاطر لعديمي الخبرة ... وفاقدي عنصري التلمذة والاتضاع ...

فقد كان التأمل على مر التاريخ هو المدخل لجميع البدع والهرطقات التي كدرت الكنيسة ... إلا أنه في الوقت ذاته ... كان المدخل لجميع القديسين العظماء ومعلمي الكنيسة الكبار وآبائها ... الفرق بين الفريقين ... هو أن الفريق الأول (الهراطقة) سلكوا بكبرياء ... والفريق الثاني (أي القديسين ) قد سلكوا فيه باتضاع ...

لا تخشى التأمل ولا تتجنبه ... بل مارسه باتضاع ورغبة في المعرفة ... قبل أن تبدأ التأمل قل مع المرنم :
"إكشف عن عيني فأبصر عجائب من ناموسك" ...
"صلاحا وأدبا ومعرفة علمني" ...
وبعد أن تفرح بتأملاتك قل مع المرنم أيضا ... "لو لم تكن شريعتك تلاوتي ... لهلكت حينئذ في مذلتي" ...

تأمل في كل شيء ... بدءا من حياتك بل وخطاياك ...
فقد قال القديس مار اسحق : "تأمل خطاياك بعمق ... تجد مصاعد تصعد بها إلى السماء " !!! ...
تأمل أيضا في عناية الله بك ... تأمل في الكون والخليقة والوجود والحياة ...
وفوق هذا كله تأمل في الكتاب المقدس ...

وقد وضع الآباء أساليب متعددة للتأمل في الكتاب المقدس ... يمكن الرجوع لذلك في كتب دراسة الكتاب المقدس وتفسيرة ...

ويوجد أسلوب أحبه أنا شخصيا ... وهو الذي استخدمه السيد المسيح ذاته في الكتاب المقدس ... في حواره مع الصدوقيين ... واليكم نص هذا الحوار : ...

Mat 22:31  وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ  أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ:

Mat 22:32  أَنَا إِلَهُ إِبْراهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ.

لَيْسَ اللَّهُ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ».

Mat 22:33  فَلَمَّا سَمِعَ الْجُمُوعُ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ.

فالجملة الأولى من عدد 32 من الاصحاح 22 من انجيل معلمنا متى
 " أَنَا إِلَهُ إِبْراهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ. 

هذه الجملة موجودة في سفر الخروج اصحاح 3 عدد 6 :
Exo 3:6  ثُمَّ قَالَ: «انَا الَهُ ابِيكَ الَهُ ابْرَاهِيمَ وَالَهُ اسْحَاقَ وَالَهُ يَعْقُوبَ». فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لانَّهُ خَافَ انْ يَنْظُرَ الَى اللهِ.

أخذها السيد المسيح كمادة للتأمل ... وأضاف عليها مبدأ منطقي من العقل والمنطق ... وليس نصا من الكتاب وهو : ...
لَيْسَ اللَّهُ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ».

وخرج من تزاوج هاتين الفكرتين بمفهوم جيد وتأييد لفكرة وعقيدة هامة وهي : ...
 قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ !!!

وهذه هي طريقة رائعة للتأمل ... أن تأخذ آية من الكتاب المقدس ... وتضمها إلى مبدأ عقلي منطقي ... أو آية أخرى ... أو تقليد كنسي سليم ... وتخرج من هذا كله بأفكار مفرحة ... تفرح بها أنت ... ومن يسمعونك !!!
  فَلَمَّا سَمِعَ الْجُمُوعُ بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ. !!!

والتأمل مفيد جدا في تنقية الفكر ... وفي تأصيل المعرفة ... وفي اكتمال المفاهيم ... وتكوين وجهة نظر شاملة للدين والحياة ... إلا أنه كما قلت من قبل يجب أن يحفظ التأمل كل من الاتضاع والتلمذة ...

أبوك الروحي في التلمذة يعرفك أخطاءك وانحرافاتك الفكرية اذا حدثت ...
والاتضاع يجعلك ترجع عنها بسرعة ... ولا تتشبث برأيك كما فعل الهراطقة من قبل !!!

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2013

2. من كل فكرك - ب - التلمذة

2. من كل فكرك

Luk 10:25  وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟»
Luk 10:26  فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟»

Luk 10:27  فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ».

Luk 10:28  فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا».

ب - التلمذة

واحد من أهم عناصر محبة الله من كل الفكر ... هو التلمذة ... وهي أمر أساسي هام وحيوي جدا في الحياة الروحية ... لذلك فإن سر الاعتراف هو أحد أهم أركان العبادة المسيحية ... والثبات عند أب روحي واحد هو من أهم وأجمل صفات الأرثوذكسية ...

المشكلة الأولى في التلمذة ... هي السؤال : أتتلمذ على من ؟؟؟

وفي عصر أصبح معظم الآباء والأمهات في البيوت ... بل والخدام في الكنائس ... غير قادرين على تلمذة آخرين ... لأنهم هم أنفسهم لم يتتلمذوا جيدا ... تكون المشكلة جد خطيرة ...

والآباء في تاريخ الكنيسة يقدمون لنا تراثا رائعا في موضوع التلمذة ... تراثا يشمل كل من كيفية وأسلوب التلمذة ... ومادة تصلح للتلمذة ذاتها ...

وقد وضع بعض الآباء القديسين صلوات مدونة لكي يصليها الانسان ... لكي يعينه الله على إختيار أب روحي له ... اذن فقبل كل شيء صل ... لكي يختار الله لك أبا روحيا ...

ولا يلزم بالضرورة أن يكون ذلك الأب من الذين يجترحون الآيات والعجائب ... لكن يكفي أن يكون ذو سيرة حسنة ... وقلب مستنير ... ومادام الله موجود في عملية التلمذة ذاتها ... التي تتم بغرض الوصول إليه هو ذاته - تبارك اسمه - فهو كفيل باكمال النقائص وتلافي الضعفات ...

المشكلة الثانية في التلمذة ... هي الثبات ... ففي عصرنا هذا كثير من الشباب يغيرون آباء إعترافهم لأتفه الأسباب ... فيخسرون فترة هامة من عمرهم وجهادهم ... يكون الأب الأول قد عرف فيها الكثير عنهم ... وفهم شخصياتهم ونقاط الضعف والقوة بها ... ويذهبون لأب آخر ليبدأون من جديد ... إهدار للوقت والجهد والموارد الروحية بلاشك !!!

ومع استحالة وجود أب روحي متفرغ لك كل الوقت ... مع أن عملية التوبة والجهاد الروحي هامة وشاقة وتستدعي وجود ذلك فعلا ... لذلك يجب أن تستكمل التلمذة من مصادر أخرى ... أهمها القراءة ...

والقراءة في المسيحية نوع من العبادة ... وليست مجرد هواية اختيارية كما يظن الكثيرين ... فالقداس يشمل أجزاء للقراءة ... والأجبية كذلك ... يعوزني الوقت لسرد كثير من الآيات وأقوال الآباء التي تدعو للقراءة والدرس والتعلم والمعرفة والحكمة !!!

على أن يتم محاولة تفهم ما في الكتب بعناية ... وعرض ما فهمته منها على أبيك الروحي من آن لآخر ... لتجنب الذلل والشطط والبدع والهرطقات ...

وفي تلمذتك يجب أن تكون أمينا ... أمينا في عرض أفكار ك... وأمينا في تنفيذ وصايا أبيك الروحي ... وأمينا أيضا في عدم ترك مجالات مبهمة في حياتك ... وأنت لا تعرف رأي الكتاب المقدس فيها ... أو تكون لنفسك فيها رأيك لا يتعارض مع التراث الروحي الآبائي ...

وفي تاريخ الكنيسة نجد أن بعض الآباء كانوا يسافرون أياما وليالي لكي يجدوا من يجيب لهم عن سؤال ... أو يفسر لهم آية ... نجد مثالا لذلك في كتاب "سائح روسي على دروب الرب" الذي سافر كثيرا وسعى طويلا لكي يجد تفسيرا للآية التي تقول : "صلوا بلا انقطاع" ... حتى وجد ضالته ... وبرع في اتقان تلك الآية !!!

فافحص كل شيء وتمسك بالحسن - كما يقول الكتاب. ولا تترك في عقلك مواضيع مبهمة ونقاط مظلمة غامضة لا تعرف لها اجابة تريحك او تشبعك او ترضيك ...

هذا الجهاد الفكري هام جدا ... فبدون قاعدة فكرية أساسية راسخة ومتكاملة ... لن تستطيع إكمال باقي البناء الروحي الذي تطلبه منها هذه الآية العجيبة التي نتأمل بها !!!

فمحبة الله من كل فكرك هي الأساس الذي يتم عليه البناء الروحي !!!

شوية سياسة - 3

دعني أوجه مقالي هذا للشباب الصغار حديثي العهد بالسياسة لمعرفة ما هو النظام الديمقراطي الجمهوري الذي تتبعه بلدنا الحبيبة مصـــــــر ؟؟؟

 الديمقراطية ... وهي كلمة يونانية مركبة مِن كلمتين: الأولى مشتقة من الكلمة اليونانية Δήμος أو Demos وتعني عامة الناس، والثانية Κρατία أو kratia وتعني حكم. وبهذا تكون الديمقراطية Demoacratia تَعني لغةً 'حكم الشعب' أو 'حكم الشعب لِنفسهِ'.

ومن أجل تحقيق هذه الغاية ... وعدم إنفراد شخص أو جماعة بالحكم ... تم وضع النظام الديمقراطي الجمهوري الذي يتكون من ثلاثة مؤسسات أو سلطات هامة ...

أولا: السلطة التنفيذية ... أي الحكومة ... وتشمل رئيس الوزراء والوزراء والمحافظين ... وكل قيادات وأجهزة الدولة التنفيذية ... أي التي تقوم بتنفيذ القوانين وبرامج وخطط ومشاريع الدولة المختلفة ...

ثانيا: السلطة الثانية من سلطات الدولة هي السلطة التشريعية ... وهي البرلمان ... أو ما يسمى عندنا بمجلس الشعب ... وهي السلطة المختصة بالتشريع ... أي بسن القوانين ... أي أن أي فكرة أو رأي لكي تصبح قانونا له قوة التنفيذ على الجميع يجب أن تصدر من البرلمان ... وهو يتكون من أعضاء منتخبين يفترض أنهم يمثلون مختلف فئات الشعب وطوائفه ...

ثالثا : السلطة القضائية: أي القضاة والمحاكم ... فإذا كان البرلمان هو الجهة المختصة بصنع القوانين ... والحكومة هي الجهة المختصة بتنفيذ تلك القوانين ... فالقضاة هم السلطة المحايدة التي تقوم بالفصل بين الشعب والحكومة من جهة تنفيذ تلك القوانين ... وإعطاء كل ذي حق حقه ... وضمان استقرار واستمرار النظام ... وعدم الخروج عليه لا لصغير ولا لكبير ... لذلك يرمز للعدالة بامرأة ماسكة ميزان ... للحكم بين الناس ... ومغطية عينيها ... أي لكي لا تحابي الوجوه ... ولا تفرق بين كبير وصغير ... وغني أو فقير ... فالكل أمام القانون سواسية ... أو هكذا يفترض أن يكون !!! ... كما تمسك في اليد الأخرى سيف ... رمز العقاب والردع لن يخالف القانون ...

وترتيب السلطات في الأولوية في ادارة شئون البلاد يكون للحكومة وعلى رأسها رئيس اللجمهورية أولا ... وفي حالة غيابه لأي سبب وغياب نائب له ... يتولى السلطة رئيس السلطة التنفيذية أي رئيس مجلس الشعب ... وفي حالة غياب هذا الآخر أيضا تتولى السلطة الثالثة أي القضائية شئون البلاد متمثلة في رئيس أعلى جهة قضائية ... أي رئيس المحكمة الدستورية العليا ... وهو الأمر الحادث الآن في مصر ... حيث تم عزل الرئيس مرسي برغبة الشعب ... ولا يوجد له نائب ... كما أنه تم حل مجلس الشعب الإخواني ... لذلك كان لابد أن يتولى شئون البلاد ... رئيس المحكمة الدستورية العليا ... أي الرئيس : عدلي منصور ...

والبعض يضيف لتلك السلطات سلطة رابعة ... وهي "الإعلام" أي الصحافة والاذاعة والتليفزيون وجميع وسائل النشر التقليدية والالكترونية ... المقروءة والمسموعة والمرئية ... وهي فعلا سلطة قوية مؤثرة جدا في الجماهير ... لذلك كان من بين أهم نقاط خارطة الطريق التي وضعها الفريق أول عبد الفتاح السيسي ... هو وضع ميثاق للاعلام ... الأمر الحيوي والخطير جدا ... والذي يجب وضعه بعناية تامة ... واهتمام فائق !!! ...

لأن ببساطة الإعلام هو الذي يشكل آراء الجماهير ... فلا يجب أن يترك الأمر للصدفة ... أو لتدخل الحاقدين والمتآمرين والانتهازيين ... بل يجب وضع ضوابط ومفاهيم واضحة يتفق عليها الجميع ... وتخدم أمن البلاد واستقرارها ... دون الحجر على حرية التعبير ... وكشف أماكن التقصير والاهمال ... على أبسط مثال ... أن تمنع الحديث الديني الذي يحض على كراهية الأقليات ... وتكفير المخالفين في الرأي ... نعم يجب أن يكعتبر ذلك جريمة يعاقب عليها القانون في الميثاق الاعلامي المرتقب !!!

الاثنين، 2 سبتمبر 2013

شوية سياسة - 2

أما حجر الأساس الثالث في العمل السياسي - فهو الدستور ...

والدستور هو عبارة عن "عقد" بين مجموعة من البشر لكي يعيشوا سويا على أرض الوطن ... فهو عقد مثل العقد الذي تمضيه لكي تعمل في وظيفة ... أو لكي تؤسس شركة أو مؤسسة أو مصنعا ... ولكن أهمية الدستور تأتي من أنه عقدا بين ملايين من البشر ... لعشرات من السنين ...

والدستور يجب أن يهتم في المقام الأول بحماية الأقليات - لا الأغلبية ... لأن الأغلبية ببساطة لا تحتاج إلى حماية ... فإذا كان الدستور عادلا منصفا ... إستقامت الأمور ... وسارت في سلام ...

وإذا عدنا بالتاريخ إلى دستور الولايات المتحدة الأمريكية مثلا وإعلان الاستقلال بها ... وهما يعتبرا مكملين لبعضهما البعض ... نجد أنه كتب بعناية فائقة ... بل على أساس فلسفي وفكري عميق كان قد أبدعه من قبل عباقرة الفلسفة من عصر التنوير ... فمن كتب الدستور ليس بالضرورة هؤلاء الفلاسفة أنفسهم ... ولكن من كتبوا كانوا أناسا مثقفين مستنيرين جدا ... وقد وعوا جميع النظريات الفلسفية التي يتضمنها علم الأخلاق والسلوك ... وقد إحتوى الدستور الأمريكي وإعلان الاستقلال على كثير من تلك المبادئ والمفاهيم الفلسفية العميقة ...

فالدستور ... ليس من المفترض أن يكتبه الأغلبية ... وان كان من حقهم تحقيق مصالحهم دون شك ... ولكن بالأولى يجب أن يقول كل الأقليات الموجودة في المجتمع رأيهم ... ويطلبوا ما يؤمن حمايتهم وحريتهم ورفاهيهتم ... على أساس تكافؤ الفرص مع الأغلبية ...

فيجب أولا ... أن يكون الدستور عادلا منصفا ... محققا مصلحة جميع فئات الشعب ... ولا سيما الأقليات ... ويجب على كل من يعمل بالسياسة أن يعي الدستور جيدا ... ويفهم كل مواده ... إن لم يحفظها عن ظهر قلب ... كما يجب على الشعب كله أن يكون لديه حد أدنى من الوعي الدستوري والمعرفة القانونية والأصول الفلسفية التي سنت على أساسها تلك القوانين !!!

(يتبع)
صورة جورج واشنطن

الأحد، 1 سبتمبر 2013

شوية سياسة - 1

شوية سياسة ... (1)

السياسة - مثلها مثل أي نشاط إنساني آخر - مجال لا يخلو من الشر. أبسطه الكذب والخداع ... ولكنه يمتد ليشمل الدعارة والاغتصاب والنهب والتعذيب والقتل بل الإبادة الجماعية ...

وكل سياسي كبير ... رئيس أو من هو في مركز كبير ... لابد أنه قرأ كتاب الأمير ... لماكيافيللي ... والذي من أشهر مبادئه أن "الغاية تبرر الوسيلة". بل إن البعض كما سمعت من أحد الأدباء - يضعه تحت وسادته !!!

ولا أظن أن الشر لابد منه في السياسة ... بل إني مؤمن أنه لو أراد الله إصلاح حال بلد من البلاد ... أعد لها رئيسا بارا قديسا ... وأؤمن أن القداسة ... لا تتعارض ... لا مع السياسة ... ولا مع الرئاسة

ولنا في تاريخ الكنيسة مثالا ...
فإدارة الكنيسة ... تعتبر إلى حد كبير ... نوعا من السياسة ... غير ناسين أنها خدمة روحية مقدسة في المقام الأول ... لا يبتغي منها البابا البطريرك - على مر العصور - شيئا لنفسه ... بل هو راهب ليس له زوجة ولا ولد ... وهذا هو أمر مهم للغاية ... حيث أن الراهب يكفيه رغيف خبز وكوب ماء في اليوم ... ولا يشتهي من حطام الدنيا أكثر من ذلك ...

وإذا تذكرنا البابا كيرلس السادس ... لقد كان غير مؤهل علميا بشهادات هذا العصر ... فلا هو درس بالجامعة ... لا بالداخل ولا بالخارج ... ولا حصل على مؤهل دراسي أعلى من الثانوية العامة ... بل إنه حتى الدراسة في الكلية الإكليريكية لم يكملها ... إذ ترك الكلية وتوحد في الجبل ...

ولكن هذا البابا القديس ... كانت مؤهلاته هي نقاوة قلبه ... وطهارة روحه ... واستنارة بصيرته بالروح القدس ... لذلك فهو الذي قاد الكنيسة القبطية من فترة من فترات الركود ... إلى نهضة من أبهى وأجمل نهضاتها على مر التاريخ ...

بل إن قداسة البابا شنودة الثالث - نيح الله نفسه - بكل ما عمله من امتداد رائع في الكنيسة على مدى أكثر من أربعين سنة - كان كل ما عمله ... قد بدأه من قبله البابا كيرلس السادس ... فالبابا شنودة بابا عظيم جدا دون أدنى شك ... وهو رجل ذكي إلى حد العبقرية ... ومؤهل تأهيلا جامعيا ... ومثقف جدا بثقافة عصره ... وقديس إلى حد لا يعلمه إلا الله ... فلا عجب مما فعله لنهضة الكنيسة ... ولكن العجب كله من الذي بدأ تلك النهضة ... بأبسط الامكانيات العقلية ... ولكن بامكانات روحية جبارة ... أقصد البابا كيرلس السادس ...

أما عن الفترة التي سبقت البابا كيرلس السادس ... فقد كان واحد من أهم أسباب ركودها ... هم الحاشية التي حول البابا ...

لذلك أعود للسياسة ... فمن المهم جدا ... أن يعرف السياسي القوي ... كيف يختار معاونيه ومستشاريه ... وهذا هو الحجر الثاني المهم في أساس بناء سياسة ناجحة

فالحجر الأول هو طهارة القائد ...
والحجر الثاني هو كفاءة ... وإخلاص ... ونزاهة الحاشية !!!

(يتبع)