الثلاثاء، 3 سبتمبر 2013

2. من كل فكرك - ب - التلمذة

2. من كل فكرك

Luk 10:25  وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟»
Luk 10:26  فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟»

Luk 10:27  فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ».

Luk 10:28  فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا».

ب - التلمذة

واحد من أهم عناصر محبة الله من كل الفكر ... هو التلمذة ... وهي أمر أساسي هام وحيوي جدا في الحياة الروحية ... لذلك فإن سر الاعتراف هو أحد أهم أركان العبادة المسيحية ... والثبات عند أب روحي واحد هو من أهم وأجمل صفات الأرثوذكسية ...

المشكلة الأولى في التلمذة ... هي السؤال : أتتلمذ على من ؟؟؟

وفي عصر أصبح معظم الآباء والأمهات في البيوت ... بل والخدام في الكنائس ... غير قادرين على تلمذة آخرين ... لأنهم هم أنفسهم لم يتتلمذوا جيدا ... تكون المشكلة جد خطيرة ...

والآباء في تاريخ الكنيسة يقدمون لنا تراثا رائعا في موضوع التلمذة ... تراثا يشمل كل من كيفية وأسلوب التلمذة ... ومادة تصلح للتلمذة ذاتها ...

وقد وضع بعض الآباء القديسين صلوات مدونة لكي يصليها الانسان ... لكي يعينه الله على إختيار أب روحي له ... اذن فقبل كل شيء صل ... لكي يختار الله لك أبا روحيا ...

ولا يلزم بالضرورة أن يكون ذلك الأب من الذين يجترحون الآيات والعجائب ... لكن يكفي أن يكون ذو سيرة حسنة ... وقلب مستنير ... ومادام الله موجود في عملية التلمذة ذاتها ... التي تتم بغرض الوصول إليه هو ذاته - تبارك اسمه - فهو كفيل باكمال النقائص وتلافي الضعفات ...

المشكلة الثانية في التلمذة ... هي الثبات ... ففي عصرنا هذا كثير من الشباب يغيرون آباء إعترافهم لأتفه الأسباب ... فيخسرون فترة هامة من عمرهم وجهادهم ... يكون الأب الأول قد عرف فيها الكثير عنهم ... وفهم شخصياتهم ونقاط الضعف والقوة بها ... ويذهبون لأب آخر ليبدأون من جديد ... إهدار للوقت والجهد والموارد الروحية بلاشك !!!

ومع استحالة وجود أب روحي متفرغ لك كل الوقت ... مع أن عملية التوبة والجهاد الروحي هامة وشاقة وتستدعي وجود ذلك فعلا ... لذلك يجب أن تستكمل التلمذة من مصادر أخرى ... أهمها القراءة ...

والقراءة في المسيحية نوع من العبادة ... وليست مجرد هواية اختيارية كما يظن الكثيرين ... فالقداس يشمل أجزاء للقراءة ... والأجبية كذلك ... يعوزني الوقت لسرد كثير من الآيات وأقوال الآباء التي تدعو للقراءة والدرس والتعلم والمعرفة والحكمة !!!

على أن يتم محاولة تفهم ما في الكتب بعناية ... وعرض ما فهمته منها على أبيك الروحي من آن لآخر ... لتجنب الذلل والشطط والبدع والهرطقات ...

وفي تلمذتك يجب أن تكون أمينا ... أمينا في عرض أفكار ك... وأمينا في تنفيذ وصايا أبيك الروحي ... وأمينا أيضا في عدم ترك مجالات مبهمة في حياتك ... وأنت لا تعرف رأي الكتاب المقدس فيها ... أو تكون لنفسك فيها رأيك لا يتعارض مع التراث الروحي الآبائي ...

وفي تاريخ الكنيسة نجد أن بعض الآباء كانوا يسافرون أياما وليالي لكي يجدوا من يجيب لهم عن سؤال ... أو يفسر لهم آية ... نجد مثالا لذلك في كتاب "سائح روسي على دروب الرب" الذي سافر كثيرا وسعى طويلا لكي يجد تفسيرا للآية التي تقول : "صلوا بلا انقطاع" ... حتى وجد ضالته ... وبرع في اتقان تلك الآية !!!

فافحص كل شيء وتمسك بالحسن - كما يقول الكتاب. ولا تترك في عقلك مواضيع مبهمة ونقاط مظلمة غامضة لا تعرف لها اجابة تريحك او تشبعك او ترضيك ...

هذا الجهاد الفكري هام جدا ... فبدون قاعدة فكرية أساسية راسخة ومتكاملة ... لن تستطيع إكمال باقي البناء الروحي الذي تطلبه منها هذه الآية العجيبة التي نتأمل بها !!!

فمحبة الله من كل فكرك هي الأساس الذي يتم عليه البناء الروحي !!!

ليست هناك تعليقات: