الأحد، 23 يونيو 2013

الإتضاع ... ما هو ؟؟؟ (2)


تكلمنا في المقال الأول عن الاتضاع ... عن أن الاتضاع هو أن تضع نفسك تحت الخليقة كلها ...

فكيف يكون ذلك ؟؟؟

ذلك لأنك يجب أن تكون متأكدا من عمق قلبك ... أن الجميع أفضل منك !!!

وكيف يكون ذلك ... ومن المؤكد أنك أفضل من كثيرين ممن حولك في أشياء كثيرة؟

أفضل في الإمكانيات والمواهب ... وأفضل في الانجازات ...

أما بالنسبة للامكانيات والمواهب ... عليك أن تتذكر الآية التي تقول:

    "لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ، فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟" (1كو 4: 7)

أي أن كل مافيك من عطايا هو من الله ...

أما بالنسبة للانجازات ... قد تقول إن يداي صنعت هذا ... ولولا أني أمين على وزناتي لما حققت كل هذا المستوى (العلمي أو المادي أو الروحي)

والرد على ذلك: أن معونة الله هي التي سندتك ... ولولا هذه المعونة لما نجحت في شيء ...

مكتوب: ... "لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا." ... (يوحنا 15: 5)

وإعلم أن الآخرين لو أعطيت لهم نفس المعونة التي أعطيت لك ... ولو أتيحت لهم نفس الفرص التي أتيحت لك ... لأصبحوا أفضل منك عشرات المرات !!!

(يتبع)

الشهوات ... والأهواء

ثلاث شهوات تحارب الإنسان في العالم ...

أولا: شهوة الجسد
ثانيا: شهوة العيون
ثالثا: شهوة العظمة (تعظم المعيشة)

أولا شهوة الجسد:
وتشمل
1. شهوة الطعام (أو الشراهة والبطنة)
2. شهوة الراحة (الكسل وحب النوم)
3. شهوة الجنس

ثانيا: شهوة العيون:
وتشمل
4. محبة المال وكل المقتنيات ... كل ما تراه العين تشتهي أن تمتلكة ...

ثالثا: شهوة العظمة:
وتشمل
5. الإعجاب بالذات والافتخار (وطلب المديح وإعجاب الآخرين)
6. الكبرياء (والعجرفة والتصلف) ... ومنها ينتج الحقد والكراهية ... وتنتج أيضا ما يلي:
7. الغضب (وذلك عندما تتعارض ارادة الانسان المتكبر مع الآخر)
8. الحزن (والاكتئاب والضجر والملل ... وذلك عندما لا يتحقق للذات ما تشتهيه من شهوات)

لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ.
(1 يوحنا 2: 16)

والثمانية نقاط التي فصلناها - تحت الثلاثة الكبار - هي ما يسميه الآباء "بالأهواء"

الإدارة الناجحة

أهم عنصر في الادارة هو الإهتمام ...

فإذا إهتممت بأسرتك ... فأنت رب أسرة ناجح ...

وإذا إهتممت بعملك ... فأنت مدير ناجح ...

وإذا إهتممت بخدمتك ... فأنت خادم ناجح !!!

وإذا إهتممت بدراستك ... فأنت طالب ناجح ...
.........................................

والإهتمام يقتضي أن تفكر مسبقا باستمرار في الخطوة القادمة ...

لا أن تنتظر حتى تفاجأ بها ...

بل تخطط وتدبر وتبدع ...
.........................................

كما أن الاهتمام يقتضي أن تطرد الكسل ...

فتغصب ذاتك على تأدية واجباتك في حينها ...

فالتأجيل هو السبب الرئيسي للنسيان ...

لكن لو كلما تذكرت شيء فعلته في حينه ... أو كتبت مذكرة به إن كان لا يمكن فعله في حينه ... فلن تنسى أبدا ...
..........................................

كما أن الاهتمام سوف يجعلك تقرأ وتدرس وتبحث وتسأل عن حلول لمشاكلك ... مما يؤدي إلى تطوير عملك ونجاحه
...........................................

ويمكنك فعل كل ذلك بسهولة ... إن أنت لزمت مخافة الله ... فهي تطرد الكسل ... وتجعلك أمينا على وقتك ... وتعينك على أداء كل مهامك بنجاح !!!

    "وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلاً نَاجِحًا"
(تكوين 39: 2)

الأربعاء، 19 يونيو 2013

الإتضاع ما هو ؟؟؟ (1)


من قصص بستان الرهبان :

"قال أحد الرهبان لأبيه الروحي: "إني أرى فكري مع الله كل حين ...

رد عليه قائلا: "الأعجب أن ترى ذاتك تحت الخليقة كلها"

وقصة أخرى ...

"قال أحد الرهبان لأبيه الروحي: "قل لي كلمة يا أبي لأحيا بها" ...

قال له: "ضع ذاتك تحت الخليقة كلها وأنت تحيا" ...

والقديس مار اسحق السرياني يقول:

"إني أخاف عندما أتكلم عن الإتضاع ... إذ أنني أتكلم عن الله ذاته"

وان كان الله - تبارك اسمه - أخلى ذاته آخذا صور عبد ... وولد في مزود حقير ... وعاش فقيرا ... ومات مصلوبا كأحقر المجرمين ... لا لشيء إلا لمحبته للبشر ...

فمهما فعلنا نحن من جهاد لكي نتضع لن نصل إلى مستوى اتضاع الله ...

وبمعادلة رياضية بسيطة فإن الله (اللانهائي) ... أخذ صورة إنسان (1) واحد ...

أي أن ما لا نهاية ÷ 1 = ما لا نهاية ...

وهذه هي نسبة إتضاع الله ... أي أن الله - تبارك اسمه - اتضاعه لا نهائي ...

ونحن يجب علينا أن نتشبه بالله ... فكيف يكون ذلك ... أنت إنسان ... أي واحد صحيح ... على ماذا يجب أن تقسم الواحد لكي تصير النتيجة ما لا نهاية ؟؟؟

واحد ÷ صفر = ما لا نهاية

أي أن الانسان يجب أن يعتبر نفسه لا شيء (صفر) لكي يتضع ... وذلك بتعبير الكتاب ... أن ينكر ذاته ...

ليس هذا إحتقارا لذاته ... أو صغر نفس ... ولكنه يجب أن يدرك تماما أن كل ما فيه من خير ومن صلاح ومن نجاح ... هو من الله ...

وأن كل ما فيه من خطايا وعيوب ونقائص ... هو من ذاته !!!

(يتبع)

الثلاثاء، 18 يونيو 2013

حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا


1) رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 5: 20
    وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدًّا.

ما معنى: حيث كثرت الخطية إزدادت النعمة جدا ؟؟؟

الجزء الأول من الآية يجيب على هذا السؤال ... حيث يقول : "وأما الناموس فقد دخل لكي تكثر الخطية"

ومعنى هذا ... أنه كلما إطلع الإنسان على الناموس الإلهي ... بالقراءة والدراسة والحفظ والتأمل ومحاولة التطبيق في حياته ... كلما زادت معرفته بخطاياه وعيوبه ونقائصة ... (كثرت الخطية) وهذا يؤدي بالضرورة في الوقت نفسه ... لزيادة النعمة التي تحررة وتنقيه من هذه العيوب ...

وعندنا في التاريخ قديمه وحديثه أمثلة لأشخاص كانت خطاياهم كثيرة ... ثم تابوا فاقتنوا لأنفسهم نعمة جزيلة ... مثل الأنبا موسى الأسود، والقديس التائب أغسطينوس ... وكثيرون غيرهم ...

رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 6: 1 - 2
فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَنَبْقَى فِي الْخَطِيَّةِ لِكَيْ تَكْثُرَ النِّعْمَةُ؟

حَاشَا! نَحْنُ الَّذِينَ مُتْنَا عَنِ الْخَطِيَّةِ، كَيْفَ نَعِيشُ بَعْدُ فِيهَا؟

كما أن الانسان الذي ماضيه سيء مليء بالخطايا ... إن أراد أن يتوب ... الله محب البشر ... يزيد له النعمة ... التي تعينه على جهاد شديد ... فينال نعمة أعظم ... ومعونة أكبر ...

كما أن العالم الشرير الذي يمتلئ بالخطية ... ما دمت مضطرا أن تعيش فيه ... يزيد الله لك النعمة ... لكي تعينك في الموضع الذي تكثر فيه الخطية ... لكي يعينك ويحفظك !!!

الله محب البشر ... 

الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ.
 
(من رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 2: 4)

وهو يفيض عليك بالنعمة ... بالقدر الذي يغنيك ويطهرك من خطاياك ... مادمت تريد أن تتوب ... وتنوي أن تجاهد

الأحد، 16 يونيو 2013

النعمة


تشبه النعمة ... كيلة من القمح ...

إذا أنت حفظتها بكل حرص في مخزنك ... سوست وتلفت ...

ولكن إذا حرثت حقلك ... ونثرت فيه حبات القمح ...

وواظبت على ريها ... وحراسة الحقل ...

وتنقيته من الأشواك والآفات ...

وتحملت في سبيل ذلك التعب والألم ...

تأتي بثمر كثير ... قد تأتي بثلاثين كيلة ... أو ستين أو مائة ...

فتأكل أنت وتفرح (تعزيات النعمة ومواهبها) ...

وتطعم الآخرين (الخدمة) ...

وتبقي قليلا عندك ... لتزرع حقلك في الموسم القادم ...

(مزيد من الجهاد ... ومزيد من النعمة) ...

وكن مستعد دائما للتجارب والاضطهادات ...

لأنه لما أثمر حقل أبينا اسحق ... وأتي بمائة ضعف ...

حسده الفلسطينيون ... وطلبوا منه أن ينصرف من أرضهم ...

سفر التكوين 26: 16
    وَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِسْحَاقَ: «اذْهَبْ مِنْ عِنْدِنَا لأَنَّكَ صِرْتَ أَقْوَى مِنَّا جِدًّا».

فالقمح والشمس والماء والهواء هم من الله ... والتعب والجهاد من عندك ...

والثمر (والتجارب) هم لك ولخدمتك !!!

الثلاثاء، 11 يونيو 2013

الأفضل

قد تكون الأفضل في شيء ما إذا قارنت نفسك بمن حولك ...

لكنك لن تكون أبدا الأفضل في كل شيء ...

كما لن تكون أبدا أفضل ما يمكنك أن تكون ...

فطالما أنت حي ... يجب أن تسعى كل يوم أن تكون أفضل !!!

السبت، 8 يونيو 2013

محبة المال


لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ.
(1تي 6: 0)

محبة المال هي أصل وأساس كثير من الخطايا والمتاعب

بدءا من الكذب والحلفان ... أثناء البيع والشراء

مرورا بالحسد ممن ليس عنده ... لمن عنده المال

والحقد المرتبط بالحسد
 
والغضب والعراك والشجار الذي قد يصل إلى القتل 

بل إن كثيرا من الخلافات والمشاجرات بين الزوجين يكون سببها محبة المال

مما قد يؤدي إلى إنهيار الأسر ... وتشرد الأبناء ... 

ومحبة المال مرتبطة بعدم الايمان ... والخوف من الغد المجهول

ظنا من الانسان أن المال هو الذي يؤمن له غد أفضل

مع أن الكتاب يقول : 


لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ: «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ»
كما أن السيد قد حكى لنا مثل الغني الغبي

وأيضا قال السيد المسيح : «يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوت الله

 علاج محبة المال يحتاج أولا إلى إيمان قوي ... وهذا هو ما ينبغي أن نغرسه في أبنائنا من صغرهم ... وتدريبهم على حياة التسليم ... وعدم الاتكال لا على المال ولا على أي زراع بشر

الأربعاء، 5 يونيو 2013

الإيمان


الايمان بالمسيح هو بالضرورة استعداد لحمل الصليب ...

لأن الذي يؤمن بإله مصلوب ... لابد أن يتوقع أن يعيش مصلوبا هو أيضا

ولكن الانسان الذي يغلبه الكسل والشهوة ... يبحث عن شيئا آخر يسكن به ضميره ...

مثل أن يرفض فكرة وجود الله من الأساس

أو أن الذي لا يستطيع انكار وجود الله ... ينكر الصليب

أو الذي لا يستطيع إنكار الصليب ... ينكر ضرورة الجهاد أي حمل الصليب
.......................................
فالأول   أغلق عقله تماما ... واستسلم لشهواته

الثاني فكر قليلا فأدرك وجود الله ... لذلك ضميره يعذبه ان هو استسلم لشهواته ... ولهذا السبب استسلم لفكرة الغفران دون فداء

والثالث فكر أكثر فلم يستطع انكار وجود الله ... ولم يقدر أيضا أن ينكر ضرورة الفداء

  ... لكنه إكتفى أن إلهه هو من يحمل عنه الصليب  ... أما هو فيكفيه أن يخلص بالنعمة ... 
فينام مستريحا تحت ظل الصليب !!!

الصليب


الخطية تنتج من الشهوة ...

والشهوة تنتج من الخوف ...

والخوف ينتج من الموت ...

والموت ينتج من الخطية ...
.................................

لذلك لن يكف الانسان عن الخطية إلا إذا كسر هذه الحلقة المفرغة ...

ولا يمكن كسرها إلا بالانتصار على الموت ...

ولن يستطيع ذلك إلا بالصليب ...

لأن السيد المسيح داس الموت ... بموت الصليب ...

ووهبنا كلنا هذه العطية !!!

فلنحمل إذن الصليب ... لكي ننتصر على الموت ...

ونتخلص من الخوف ... فننتصر على الشهوة ... فنكف عن الخطية !!!

..........................................

لأن الشهوة هي أساس كل خطية ...

لذلك فإن إحتمال الألم هو العلاج ...

وهذا هو ما يسميه الآباء بالإماته ...

ويسميه الانجيل بحمل الصليب ...
 
...............................................
 
إن لم تحتمل الألم بشجاعة وصبر ... سوف تظل أسيرا للخوف ...

وطالما أنت تخاف ... سوف تظل تشتهي ...

وطالما أنت تشتهي ... سوف تظل تخطئ !!!
 
..................................................
 
ان عدم الايمان بالمسيحية هو ببساطة ... رفض حمل الصليب !!!
 
 لأن الذي يؤمن أن إلهه قد صُلب ... 

لابد بالضرورة أن يعد نفسه لكي يصلب هو أيضا ... 

لأنه ليس عبد أفضل من سيده ... !!!

الاثنين، 3 يونيو 2013

لا يمنع عنا الضيقات

الله لا يمنع عنا الضيقات ...

لكنه يقف معنا بداخلها ...

تماما مثلما لم يمنع الثلاثة فتية من الدخول في أتون النار ...

ولكنه كان موجودا معهم داخل النار ... لينقذهم ويعزيهم ...

وهو لم يمنع أن يلقى دانيال في جب الأسود ... لكنه أرسل ملاكه الذي سدّ أفواه الأسود ...

وهو لم يمنع شعبه من التيه في برية سيناء أربعين سنة ...

لكنه عالهم في البرية وإعتنى بهم ... وأرسل لهم طعاما وماءا ونورا في الليل وظلا في النهار ...

وهو لم يمنع المعاناة عن البشرية ...

ولكنه جاء هو ذاته متجسدا ... ليعاني نفس معاناتنا ... ويخلصنا ... ولتكون لناة حياة أفضل ...

وهو لا يمنع الاضطهاد عن كنيسته في كل زمان ومكان ...

ولكنه يتدخل في الوقت المناسب لينقذها ويعزيها ...

وهكذا هو مع كل انسان ... يسمح لنا بالضيقات ...

لكنه لا يتخلى عنا لحظة واحدة ... بل يعتني بنا ... وينقذنا ... ويفرح قلوبنا !!!

وذلك لأن للضيقة فوائد وبركات روحية كثيرة للانسان الروجي ...

الأحد، 2 يونيو 2013

الشكوى ... والحلة البريستو !!!


تشبه نفس الانسان حلّة الضغط ... (الحلّة البريستو) ...م

تخيل معي "حلّة الضغط" أي الحلة التي يوضع بها الطعام الذي يحتاج إلى وقت طويل لكي ينضج ... مع إحكام غلق الحلة فيما عدا صمام صغير... 

ووضعها على نار هادئة
 
وذلك لكي يرتفع الضغط داخلها ... فترتفع بالتالي درجة حرارتها جدا ... فينضج الطعام بسرعة ... وفي وقت قصير

وذلك عكس الحلّة العادية ... الغير محكمة الإغلاق ... والتي يحتاج نفس الطعام إلى وقت أطول بكثير لكي ينضج فبها

أما إذا إنسدت كل منافذ الحلة ... حتى الصمام الصغير الذي ينفذ البخار ... تنفجر الحلة مثل قنبلة مدمرة

.........................................

فالنار التي توقد تحت الحلة ... هي التجارب والضيقات التي تحل بالانسان

والطعام الموجود داخل الحلة ... هو شخصية الانسان

والبخار المتصاعد من الغليان هو الشكوى

 فاذا تناثرت الشكوى في كل مكان ... مثل الحلة العادية ... يطول الزمن ... وتحتاج إلى تجارب أشد ... أي نار أعلى ... لكي  تنضج النفس 

وهذا تماما هو ما قاله القديس مار اسحق السرياني ... إن من يتذمر على التجارب ... تتضاعف عليه

ولكن هناك خطورة أن تنتهي حياة الانسان دون أن تنضج النفس ... بسبب طول الزمن ... وتسويف العمر باطلا

..............................................

أما إذا أحكمنا غلق كل منافذ الترفيه عن النفس ... مثل الشكوى والتذمر .... ويمكن أيضا إضافة مزيد من الوقود تحت الحلة ... وذلك هو النسك 

مع الأخذ في الاعتبار ترك صمام واحد صغير مفتوح لأعلى ... وهو الصلاة ... أي الصلة الحقيقية الحية مع الله

حينئذ تنضج النفس سريعا

أما بدون صلاة حقيقية ... ولا شكوى وتعزية بشرية ... تنفجر النفس

وقد يكون الانفجار في صور كثيرة ... عضوية أو نفسية أو إجتماعية

عضوية كأن يمرض جسد الانسان بالأمراض التي تنتج عن الحزن والقهر

أو نفسية كأن تمرض نفس الانسان ... وتمتليء عقدا  وحقدا

أو إجتماعية ... وهذه نتيجة للانفجار النفسي الذي يحدث أولا ... ويكون الانفجار الاجتماعي في صور كثيرة ... بعضها يصل إلى التفجير المادي فعلا ... بالأعمال الارهابية

وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ.
متى 24: 13)

الشكر ... والقر !!!

 
من العجيب حقا أن كثيرين هم دائمي التذمر والشكوى ...

بل إن البعض يخترعون أسبابا للشكوى ... وينتهزون فرصة أي مشكلة بسيطة قد تكون غير مقلقة ولا محزنة له ... ولكنه يجدها فرصة سانحة للشكوى ...

ولما سألت أحدهم ... لماذا يفعلون ذلك ... ضحك وقال لي ...

ان الشكوى ... ولا ميت رقوى !!!

فهم يظنون أنهم بذلك يعملون "رُقْيَة" لأنفسهم لمنع الحسد عنهم ...

وهم لنفس هذا السبب لا يحمدون الله أبدا ... لأنهم يخافون أن يؤدي ذلك إلى الحسد

وهذا شيء محزن في الحقيقة ... يدل على ضعف إيمان

بل إن أحد الآباء الروحيين قال ... إن من يشكو هو في الحقيقة يشكوا الله

بل ويزكي ذاته على الله ... بل ويظهر نفسه مظلوما مضطهدا من الله

وهذا صحيح في الحقيقة ... إذ أن من يشكو للناس ... هو في الحقيقة يشكو الله الذي سمح له بالتجارب والضيقات التي يشكو منها !!!

وهذه الرغبة في الشكوى - منعا للحسد - قد تجر الانسان لمزيد من الخطايا مثل الكذب والمبالغة

والأصل في تلك الخطية هو عدم المحبة ... إذ أن الانسان الذي يفعل هذا هو في الحقيقة لا يحب الآخرين ... 

ويفترض بالتالي أنهم هم أيضا لا يحبونه ... مع أن الأمر قد لا يكون كذلك اطلاقا ...ويشعر أنهم يحسدونه على ما هو فيه من نعمة ... لذلك يخترع تلك الأساليب الخاطئة

فالمحبة تستر كثرة من الخطايا 

والقديس مار اسحق يقول ... "ليست عطية بلا زيادة ... إلا التي بلا شكر" ... فالشخص دائم التذمر هو في الحقيقة يغلق على نفسه باب النعمة