الأربعاء، 12 مارس 2014

مثل الإبن الشاطر ...

إسمحوا لي أولا ألا أسميه كما إعتاد الكثيرين يـ "الإبن الضال" ... لأن الكتاب قال : "كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد" ... فلماذا إذن نركز على الحالة السلبية التي كان فيها ... "ضال" ... وليس على الحالة الإيجابية التي صار إليها ... "عاش ... ووجد" ؟؟؟ !!!
أما بالنسبة لتسمية الأبن الشاطر ...فيقال عنها أنها بسبب أنه شطر ثروة أبيه ...وأنا لا أفهمها بهذا المعنى أيضا ... ولكن شاطر بمعنى أنه
"Clever"

المثل
11وقالَ يَسوعُ: "كانَ لِرَجلٍ اَبنانِ،
الرجل هو الله ... والإبنان هما نوعان من الناس يعبدون الله ...

12فقالَ لَهُ الأصغَرُ: يا أبي أعطِني حِصّتي مِنَ الأملاكِ. فقَسَم لهُما أملاكَهُ.
الإبن الأصغر ... "قال" ... أي صلى ... و "أعطني" ... طلب ... "حصتي من الأملاك" ... أي النعم والمواهب والعطايا الروحية ...
هذا الإبن جاهد روحيا جدا ... جهادا شديدا في فترة قصيرة ... فنال قامة روحية كبيرة ... وهي نصيبه من المبراث


13وبَعدَ أيّامٍ قَليلةٍ، جمَعَ الابنُ الأصغَرُ كُلّ ما يَملِكُ، وسافَرَ إلى بِلادٍ بَعيدَةٍ، وهُناكَ بَدّدَ مالَهُ في العَيشِ بِلا حِسابٍ.
الذي حدث للإبن الأصغر ... أنه بعدما نال تلك القامة العالية ... أصابه الكبرياء "بلاد بعيدة" ... لأن الكبرياء هو البعد عن الله ... "وهنالك بدد ماله" ... أي فقد نعمته بسبب الكبرياء ...
من أقوال الآباء : "المجاهد الذي يتكبر ترتفع عنه نعمة الله فيقع في واحدة من ثلاثة : ... فسق سمج ... أو بدعة وتجديف ... أو مضرة عقلية" ...

14فلمّا أنفَقَ كُلّ شيءٍ، أصابَت تِلكَ البلادَ مَجاعةٌ قاسِيَةٌ، فوقَعَ في ضيقٍ.
بدأ يشعر بالضيق بسبب فقدانه لنعمة الله ...

15فلَجأ إلى العَمَلِ عِندَ رَجُلٍ مِنْ أهلِ تِلكَ البِلادِ، فأرسَلَهُ إلى حُقولِهِ ليَرعى الخنازيرَ.
"الخنازير"حيوانات نجسة في العهد القديم ... بذبك فهي تشير إبى إنحرافه روحياا ... وإتجاهه للخطية ...

16وكانَ يَشتَهي أنْ يَشبَعَ مِنَ الخُرنُوبِ الذي كانَتِ الخنازيرُ تأكُلُهُ، فلا يُعطيهِ أحدٌ.
كان يشتهي الخطية ...
"ولم يعطه أحد" ... أحيانا تحفظ نعمة الله المجاهدين ... لأسباب معينة يعرفها الله ... لذلك فحتى إن هو إشتهى الزنا والنجاسة ... لا يجد فرصة لذلك !!!


17فرَجَعَ إلى نَفسِهِ وقالَ: كم أَجيرٍ عِندَ أبي يَفضُلُ عَنهُ الطّعامُ، وأنا هُنا أموتُ مِنَ الجوعِ.
"فرجع إلى نفسه" ... هذه العبارة هي نقطة التحول في حياته ...وهي تشير إلى الخلوة ... والسكون ... ومراجعة النفس ...

18سأقومُ وأرجِعُ إلى أبي وأقولُ لَه: يا أبي، أخطَأتُ إلى السماءِ وإلَيكَ، 19ولا أستحِقّ بَعدُ أنْ أُدعى لكَ اَبنًا، فعامِلْني كأَجيرٍ عِندَكَ.
التوبة ... والأتضاع ... والشعور بعدم الإستحقاق


20فقامَ ورجَعَ إلى أبيهِ. فَرآهُ أبوهُ قادِمًا مِنْ بَعيدٍ، فأشفَقَ علَيهِ وأسرَعَ إلَيهِ يُعانِقُهُ ويُقَبّلُهُ.
فرح الله برجوع الخطاة ...وتسهيله لهم التوبة وتعزيتهم ...

21فقالَ لَهُ الابنُ: يا أبي، أخطَأْتُ إلى السّماءِ وإلَيكَ، ولا أستَحِقّ بَعدُ أنْ أُدعى لكَ اَبنًا.
العودة للصلاة والطلبة والجهاد ...

22فقالَ الأبُ لخَدَمِهِ: أسرِعوا! هاتُوا أفخَرَ ثوبٍ وأَلْبِسوهُ،
بدء عودة النعم الروحية والعطايا والمواهب لهذا التائب ...

وضَعُوا خاتَمًا في إصبَعِهِ
الخاتم علامة إئتمانه على كنوز أبيه ... أي الخدمة والصلاة من أجل الآخرين ...
وحِذاءً في رِجلَيهِ.
لكي يقود الآخرين في الطريق دون أن تتأذى نفسه ...

23وقَدّموا العِجلَ المُسمّنَ واَذبَحوهُ، فنَأْكُلَ ونَفرَحَ،
التناول ...

24لأنّ اَبني هذا كانَ مَيْتًا فعاشَ، وكانَ ضالاّ فَوُجِدَ. فأخذوا يَفرَحونَ.
عودة النعمة ... وفرحة السماء ...

لاحظ عدم أمر الأب بإستحمام الأبن العائد من حظائر الخنازير ... وذلك في رأيي لسببين : ...
الأول : من الناحية الطقسية ... أن الغسل أو الإستحمام يشير إلى المعمودية ... وهي لا تعاد مهما فعل المرء من خطايا ...
الثاني : من الناحية العملية ...هو أن الخاطي ...عندما يتوب ... تظل رائحة الخطية عالقة به فترة من الزمن سواء في سلوكه أو أفكاره ...حتى تتلاشى بالنعمة والجهاد ...


25وكانَ الابنُ الأكبرُ في الحَقلِ، فلمّا رجَعَ واَقتَرَبَ مِنَ البَيتِ، سَمِعَ صَوتَ الغِناءِ والرّقصِ.
الغيرة
26فدَعا أحَدَ الخَدَمِ وسألَهُ: ما الخَبرُ؟
لم يسأل الأب ... بل سأل الخدام ...مستخدما وسائل بشرية غير روحية ...

27فأجابَهُ: رجَعَ أخوكَ سالِمًا، فذبَحَ أبوكَ العِجْلَ المُسَمّنَ.

28فغَضِبَ ورَفَضَ أنْ يَدخُلَ. فخَرَجَ إلَيهِ أبوهُ يَرجو مِنهُ أنْ يَدخُلَ،
الغيرة وعدم المحبة
وبالرغم من ذلك إهتمام الأب به ...

29فقالَ لأبيهِ: خَدَمْتُكَ كُلّ هذِهِ السّنينَ وما عَصَيتُ لكَ أمرًا، فما أعطَيتَني جَدْيًا واحدًا لأفرَحَ بِهِ معَ أصحابي.
وهذا هو النوع الثاني من الناس الذين يعبدون الله ... وهم يعبدونه بصورة سطحية روتينية ...
فهو لم يطلب جديا أبدا ... والأن يلوم أبيه لأنه لم يعطه ... فهل معقول أن الأب الذي لم يمنع الأصغر من نوال نصيبه ... كان سيرفض أن يعطي الإبن الأكبر جديا ...
ولكنه هو الذي لم يجاهد ... ولم يسعَ !!!

30ولكنْ لمّا رجَعَ اَبنُكَ هذا، بَعدَما أكَلَ مالَكَ معَ البَغايا، ذَبَحتَ العِجلَ المُسَمّنَ!
الإدانة وتشويه سمعة الأشخاص الذين لا يحبهم المرء ويغير منهم ... والإعتراض على دخوله في الشركة والخدمة ...

31فأجابَهُ أبوهُ: يا اَبني، أنتَ مَعي في كُلّ حِينٍ، وكُلّ ما هوَ لي فهوَ لكَ.
نعم ... لكنه هو المتكاسل ...

32ولكِنْ كانَ علَينا أنْ نَفرَحَ ونَمرَحَ، لأنّ أخاكَ هذا كانَ مَيّتًا فَعاشَ، وكانَ ضالاّ فَوُجِدَ".
وتلك هي بركات التوبة !!!    
(إنجيل لوقا 15 : 11 - 32  الترجمة العربية المشتركة GNA ) 

ليست هناك تعليقات: