الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

العضو الذي لا يستخدم يضمر

..............................
Psyche Entering Cupids Garden.............................. Psyche Entering Cupids Garden


  • توجد قاعدة طبية تقول أن عضو الجسد الذي لا يستخدم ، يضمر
Disuse Atrophy
مثال ذلك أنه عندما يحدث كسر مثلا في ساق أو ذراع ... ويتم تجبيسه لكي نحد من حركته - أي نحد من إستخدامه لفترة طويلة
في نهاية تلك الفترة - أي بعد فك الجبس - نجد أن محيط الساق أو الذراع الذي لم يستخدم تلك الفترة قد أصبح أقل من الطرف الآخر الذي مازال يستخدم
أي أن حجم عضلات ذلك الطرف قد أصبح أقل من ذي قبل
دلالة على أن ذلك الطرف قد ضمر عما كان عليه قبل الكسر والتجبيس

ويعالج الأطباء ذلك هذا الضمور بإعطاء المريض جلسات من العلاج الطبيعي
تكون عادة عبارة عن تداريب رياضية تدريجية لذلك العضو ، حتى يستعيد حجمه ولياقته مرة أخرى

وهذا يدلنا على قاعدة طبية أخرى في الجسد وهي أن
العضو الذي يستخدم ينمو ويكبر حجمه وتزداد قوته
ومثال ذلك أيضا ما يفعله الرياضيون من تمارين رياضية حتى تنمو عضلاتهم وتكبر وتتقوى -
وهو ما يعرف برياضة كمال الأجسام

العجيب حقا أن هاتان القاعدتان - لا تنطبقان فقط على الجسد
بل ينطبقان أيضا على مستويات أخرى عديدة

  • فعلى مستوى النفس
تنطبق نفس القاعدتان السابق ذكرهما على أعضاء النفس - ان جاز التعبير

فإن أعضاء أو عناصر أو مكونات النفس كما وصفها علم النفس هي
العاطفة - Affect
العقل - Intellect
المزاج - Mood

فالانسان الذي يركز على استخدام عقله ، ويهمل عاطفته
يتقوى عقله - وتضمر عواطفه
والعكس صحيح
أي أن الذي يركز على عاطفته - ويهمل عقله
تتقوى عواطفه - ويضمر عقله (وظيفيا)

وفي الحالتين السابقتين قد يصل الأمر بالإنسان إلى حالة من عدم الإتزان النفسي
لأن إعطاء كل عنصر من عناصر النفس دورها الواجب هام جدا لتحقيق ذلك التوازن

ولكن إستعادة هذا التوازن ليس مستحيلا
بل هو أمر يجب التدرب على الوصول إليه
فمن ضمرت مشاعره يجب أن يدرب نفسه على المحبة
ومن ضمر عقله - وظيفيا - يجب أن يدرب نفسه على التفكير في كل أمر قبل الإقدام عليه

كل ما أنصح به هو محاولة تقليل تلك الفجوة بين عنصري النفس
للوصول إلى حالة أفضل من الإتزان النفسي والسلام الداخي

أما الأعجب من كل هذا
أن نفس هاتان القاعدتان الطبيتان المذكوران سابقا
  • تنطبقان أيضا على مستوى المجتمع

في الأسرة - في العمل - في الكنيسة
فعضو الأسرة - أو موظف الشركة - أو عضو الكنيسة الذي يتم تجاهله
تضمر شخصيته ويذبل دوره في أي مجتمع من هؤلاء
وقد يصل به الأمر في النهاية إلى ترك ذلك المجتمع والإنفصال عنه تماما (أي البتر بلغة الطب)

والعكس صحيح
فأنت عندما تسند أدوارا متزايدة تدريجيا
لإبنك - و مرؤوسك في العمل - و أخوك أو إبنك في الكنيسة
فإنه ينمو ويتقوى ويزدهر
ويبدأ يكتشف مواهبه وإمكانياته التي كانت كامنة فيه من قبل لأنها لم تجد بعد فرصة للظهور
فتزداد ثقته بنفسه
وتنمو إمكاناته ويعظم نجاحه
فينجح الجميع - ويفرح الجميع !!!

ملخص المبادئ
  • إجتهم في اقتناء كمال جسدك ونفسك أيضا
  • درب نفسك على المحبة لكل الناس كل الوقت
  • درب نفسك على التفكير في الأمر قبل الإقدام عليه
  • كلف أولادك بأدوار مناسبة متزايدة تدريجيا
  • من تعريفات الإدارة : أن تنجز العمل بواسطة الآخرين
  • لا تحاول أبدا أن تفعل كل شيء بنفسك
  • فوض كل فرد في الكنيسة / الخدمة بدور مناسب - مهما ان كان بسيطا - وتابعه وشجعه
............................................
(لوحة فنية بعنوان "سايكي تدخل حديقة كيوبيد"
Psyche Entering Cupids Garden
للفنان "جون وليام واترهاوس"
وهي تحكي جزء من أسطورة يونانية قديمة -
اللوحة الأصلية 71 × 109 سم -
موجودة في متحف ومعرض الفنون "هاريس" في إنجلترا -
رسمت اللوحة سنة 1905 م )

الاثنين، 22 سبتمبر 2014

فيسبوك وتويتر في القرن الرابع


من قصص بستان الرهبان : ...
ذهب راهب شاب إلى أحد الشيوخ
فسلم عليه وجلس بين الإخوة
ثم سأل الشيخ قائلا :
قل لي كلمة منفعة يا أبي
فلم يرد عليه الشيخ وبقي صامتا
حتى خجل الراهب الشاب وإستأذن وإنصرف
فسأل الإخوة الشيخ قائلين :
لماذ لم تقل له كلمة منفعة يا أبانا ؟
فرد الشيخ قائلا :
الحق أني لم أقل له شيئا إلا لكونه بياعا
يريد أن يتمجد بأقوال الآخرين

تدلنا هذه القصة الصغيرة على أن أخلاق الفيسبوك كانت موجودة منذ القرن الرابع الميلادي حتى بين الرهبان الزهاد النساك !!!
وهي خدعة خطيرة ينخدع بها الكثيرون بدافع شهوة المجد والرغبة في إجتلاب إعجاب الآخرين وتمجيدهم
كما يفعل كثيرون من شبابنا الفيسبوكيين الآن
حيث ينقلون أقوال الآخرين وتأملاتهم ويضعونها في بوست بإسمهم
دون الإشارة لقائل العبارة
ولا حتى دون الإشارة إلى أنه (منقول) وليس من إنشائهم

تعالوا نرفع هذا الشعار في صفحات الفيسبوك كلها : ...

  • الـ #شير مسمـــــــــــوح :) والـ تــــاج ممنــــــــوح :)
  • الـ #كوبي ممنـــــــــــوع :) والزعل مرفــــــــــــــوع :)

وهي آداب فيسبوكية يجب الحرص عليها
فعندما يعجبك قول ما وتريد أن تضعه في صفحتك أو تنشره في جروب
إعمل (شير) أي مشاركة للقول أو البوست ... وليس (كوبي ) أي نسخ

وإن تعذر عمل شير لأي سبب
إنسخ القول وضعه على صفحتك
ثم إعمل تاج لصاحب القول
ويفضل أن تستأذن منه أولا أيضا

أما إن كان القول منقول من خارج الفيسبوك أصلا
عندئذ يمكنك أن تنسخه وتضعه في صفحتك
ثم تكتب أسفله بين قوسين إسم صاحب القول أو كاتب المقال
أو رابط الصفحة التي تم النقل منها
أو الإشارة إلى إسم الصفحة

أما إن كان الكاتب أو القائل غير معلوم لك
ففي هذه الحالة فقط أكتب بين قوسين (منقول)
مع محاولة عدم اللجوء لكلمة (منقول) هذه فقط إلا بعد أن يتعذر عليك معرفة
القائل أو الكاتب أو حتى الناشر أي الصفحة أو الكتاب أو المجلة أو الجريدة

هذا بالنسبة لفيسبوك القرن الرابع
أما تويتر
فالملاحظ حقا أن الغالبية العظمى من آباء الرهبنة العظام بدءا من القرن الرابع كانوا يستخدمون نفس أسلوب تويتر الحالي
وهو الاكتفاء بكلمات قليلة في سطر أو سطرين أو ثلاثة على الأكثر
يصوغ فيها بعناية وبإختصار شديد خبرة معينة أو نصيحة مفيدة أو توجيه مهم

هذا الأسلوب يميز النساك في العالم بصفة عامة
فقد كان غالبيتهم عازفين عن كتابة المقالات الطويلة أو الكتب
إلا أن كثيرون منهم كانوا في بعض الأحيان يلجأون لكتابة رسائل لأحبائهم

أما العظات والحوارات الروحية فقد كان الرهبان الشبان حريصون على تدوينها بكل عناية في وقتها
فكان يجلس بجوار الشيخ أحد أولاده الروحيين
ممسكا ورقة وقلم لكي يدون بسرعة كل ما يدور في العظة أو الحوار

بل إن حتى قبل رهبان القرن الرابع بزمن طويل
نجد أن أسفار الحكمة في الكتاب المقدس كلها تقريبا مكتوبة بنفس أسلوب تويتر الحالي
مثل سفر الأمثال لسليمان النبي والملك

الأحد، 21 سبتمبر 2014

هل يجب أن نخاف الله ؟

.
القديس العظيم أنبا أنطونيوس.
القديس العظيم أنبا أنطونيوس
قيل عن الأنبا أنطونيوس أنه في ذات مرة قال لأولاده الروحيين :
يا أولادي : أنا لا أخاف الله
فردوا عليه قائلين : هذا الكلام صعب يا أبانا
فقال لهم أنبا أنطونيوس : أنا لا أخاف الله لأني أحبه

كثيرون للأسف يسيئون فهم قول الأنبا أنطونيس هذا : ...
يا أولادي : ... أنا لا أخاف الله لأني أحبه
ويظنون أن ذلك يجب أن يكون منهجنا لهم في الحياة الروحية

مع أنه مكتوب : ...
رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللهِ. إِنَّهَا تَوَلَّدَتْ فِي الرَّحِمِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَتْ عُشَّهَا بَيْنَ النَّاسِ مَدَى الدَّهْرِ، وَسَتُسَلِّمُ نَفْسَهَا إِلَى ذُرِّيَّتِهِمْ.
(يشوع بن سيراخ 1 : 16 )
وأيضا
فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ، وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ اللهِ.
(أمثال 5 : 1)
وفي رسائل معلمنا بولس الرسول
فَإِذْ نَحْنُ عَالِمُونَ مَخَافَةَ الرَّبِّ نُقْنِعُ النَّاسَ. وَأَمَّا اللهُ فَقَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ لَهُ، وَأَرْجُو أَنَّنَا قَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ فِي ضَمَائِرِكُمْ أَيْضًا.
(كورنثوس الثانية 5 : 11 )

فالقديس أنبا أنطونيوس الذي عاش مائة وخمسة سنة ، لم يقل هذا القول في صدر شبابه وبداية توبته
ولكنه قاله في أواخر حياته
أي بعد عشرات السنوات من الجهاد الروحي الشاق في البرية
والنمو في الخبرة الروحية والحياة مع الله

والقديس مار إسحق السرياني يفسر لنا هذا الأمر قائلا : ...
كما أنه يستحيل عبور البحر العظيم بدون سفينة
هكذا يستحيل الوصول إلى محبة الله بدون مخافته 

إذن من كل ما سبق نفهم أنه من الضروري جدا لنا كلنا أن نبدأ بمخافة  الله
ونسعى إلى إتقانها وأن تملأ كل كياننا كقول المزمور

قَدِ اقْشَعَرَّ لَحْمِي مِنْ رُعْبِكَ، وَمِنْ أَحْكَامِكَ جَزِعْتُ.
(مزمور 119 : 120 )

أو كما في ترجمة أخرى (سمر خوفك في لحمي)
وأيضا
قَدِّسُوا رَبَّ الْجُنُودِ فَهُوَ خَوْفُكُمْ وَهُوَ رَهْبَتُكُمْ.
(إشعيا 8 : 13 )

يجب علينا إذن أن ندرب أنفسنا على الشعور بالوجود الدائم في حضرة الله
وأن يقترن هذا الشهور بالمخافة والمهابة والإحترام اللائقين به
الله يملأ كل الوجود فهو حولك وأمامك وفوقك وتحتك
هو يغمرك كالهواء ويشرق عليك كالشمس وعيناه تنظر إليك دائما

درب نفسك على هذا الشعور دائما وليكن مصحوبا بالرهبة والوقار اللائقين بجلالة الله ومهابته
فلا تفعل شيئا غير لائق حتى لو كنت وحدك في مكان لا ينظرك فيه أحد

وتذكر قول القديس مار إسحق السرياني : ...
إلزم مخافة الله تصل باب الملكوت خلال أيام قليلة ولا تجعل طريقك مستديرة

إذن فإن بداية الطريق الروحي هي مخافة الله
وغايته هي محبة الله
فلا تدعي أنك وصلت للغاية حتى قبل أن تبدأ !!!

لوحة تجربة أو إغراء القديس أنطونيوس الراهب بقطعة ذهب، رسم الفنان فرا أنجيليكو (1395-1455)، زخرفة على لوح بمقاس 19.7×28 سم، مرسومة تقريباً سنة 1436، محفوظة في متحف الفنون الجميلة، هيوستون

مثل وكيل الظلم


1 وَقَالَ أَيْضًا لِتَلاَمِيذِهِ: «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ لَهُ وَكِيلٌ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ.
2 فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: مَا هذَا الَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً بَعْدُ.
3 فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ لأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ. لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُبَ، وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ.
4 قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي فِي بُيُوتِهِمْ.
5 فَدَعَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْيُونِي سَيِّدِهِ، وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟
6 فَقَالَ: مِئَةُ بَثِّ زَيْتٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاجْلِسْ عَاجِلاً وَاكْتُبْ خَمْسِينَ.
7 ثُمَّ قَالَ لآخَرَ: وَأَنْتَ كَمْ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: مِئَةُ كُرِّ قَمْحٍ. فَقَالَ لَهُ: خُذْ صَكَّكَ وَاكْتُبْ ثَمَانِينَ.
8 فَمَدَحَ السَّيِّدُ وَكِيلَ الظُّلْمِ إِذْ بِحِكْمَةٍ فَعَلَ، لأَنَّ أَبْنَاءَ هذَا الدَّهْرِ أَحْكَمُ مِنْ أَبْنَاءِ النُّورِ فِي جِيلِهِمْ.
(لوقا 16 : 1 - 8 )

الإنسان الغني هو المسيح
وأنت وكيله

كل ما هو موجود عندك هو للمسيح
جسدك مواهبك ممتلكاتك معرفتك وقتك ... إلخ
ولكنك تدعي ظلماً أمام العالم أنها لك
لذلك فأنت وكيل ظلم عليها

فَوُشِيَ بِهِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ.

أنت تستهلك كثيرا مما أعطاك الله لإرضاء شهواتك
وتضيع كثيرا من عمرك في الباطل دون فائدة
لذلك وُشِي بك أنك تبذر أمواله
لأنها كان ينبغي أن تكرس كلها لله

أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ وَكِيلاً بَعْدُ.
دعوة للتوبة وتذكير بالموت

مَاذَا أَفْعَلُ؟ لأَنَّ سَيِّدِي يَأْخُذُ مِنِّي الْوَكَالَةَ.
سأل الوكيل نفسه : ماذا أفعل
مراجعة النفس ونية التوبة والإعداد لها
تماما مثلما رجع الإبن الشاطر إلى نفسه

لَسْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُبَ، وَأَسْتَحِي أَنْ أَسْتَعْطِيَ.
مخافة الله - وخوف من عقوبته

4 قَدْ عَلِمْتُ مَاذَا أَفْعَلُ، حَتَّى إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ يَقْبَلُونِي فِي بُيُوتِهِمْ.
نفسر هذه الآية بواسطة الآية التالية
فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.
(متى 25 : 40 )

لكي تعمل مثلما عمل وكيل الظلم
إخدم كل محتاج - سواء حاجات الجسد أم الروح -  بكل ما هو موجود عندك

فأنت عندما ترحم قريبك يُحسب كأنك فعلت الرحمة بالمسيح نفسه
فيقبلك في بيته الأبدي "إِذَا عُزِلْتُ عَنِ الْوَكَالَةِ" - أي عند موتك

5 فَدَعَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْيُونِي سَيِّدِهِ، 
بدء الخدمة - محبة القريب ورحمته

وَقَالَ لِلأَوَّلِ: كَمْ عَلَيْكَ لِسَيِّدِي؟
كم هي خطاياك ... وكم هي متاعبك في الحياة
وكم هي احتياجاتك ... الجسدية والروحية ؟

ثم بدأ عندئذ يعطي المحتاجين من مال سيده - الذي وكله عليه
أي أن يعطيهم من صلاته ومحبته وعطاياه وتعليمه

  • لا يجب بأي حال من الأحوال أن نفهم المثل حرفيا ونحاول أن نصنع لنا أصدقاء بالاختلاس من الأموال أو السلطات التي نؤتمن عليها في العمل - هذه سرقة وعدم أمانة ومخالفة للقوانين


تفسير الرموز
  • إنسان غني : السيد المسيح
  • وكيل : أنت
  • يبذر أمواله : تضييع عمره في الكسل والشهوات
  • وكالتك : حياتك ... بكل ما فيها من جسدك وروحك ومعرفتك ومواهبك ووقتك
  • أعط حساب وكالتك : دعوة للتوبة
  • لأنك لا تقدر أن تكون وكيلا بعد : تذكير بالموت
  • لا أستطيع أن أنقب و أستعطي : عذاب الجحيم
  • مديوني سيده : جميع المحتاجين للعالميات أو الروحيات
  • الظلم : هو في نسبة الملكية أو العطاء لك أنت أمام الآخرين مع أنه في الحقيقة من الله الذي يملك كل شيء "لأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ. لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ." (رومية 11 : 36 )

نسبة الفضل إلى ذويه


أدعو الله أن يعوض بالخير نفس المتنيح البار الدكتور "فاروق مرقص" مدير مستشفى حميات طنطا الأسبق والذي كشف لي عن غموض هذا المثل لما سألته عنه في إحدى زياراتي له لطلب الإرشاد الروحي في عيادته بطنطا قبل حوالي إثنتين وعشرون سنة
وقد ذكر قدس أبينا القمص/ لوقا سيداروس في كتابه الرائع "رائحة المسيح في أبرار معاصرين" - الجزء الخامس ، بعضا من سيرة وفضائل هذا القديس الدكتور فاروق مرقص. نسأله أن يطلب من الله عنا حتى يغفر لنا خطايانا ويعطينا معونة

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

حوار مع مغرور


  • تنهد الخادم المغرور قائلا : ...
آه ... إن سبب حروبي ومتاعبي ومعاناتي هو القامة الروحية العالية التي وصلت إليها ...

  • فرد عليه صوت في داخله قائلا : ...
إن سبب معاناتك هو كبرياءك

  • أجاب المغرور قائلا : ...
حسنا ... حتى لو كنت متكبرا فأنا معذور
فمن يستطيع أن يحتمل ما نلته من نعم ومواهب وعطايا وخبرات روحية ورؤى وأحلام

  • صوت : ...
لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ، فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟
(كورنثوس الأولى 4 : 7 )

  • المغرور : ...
حسنا ... الله أعطاني أنا ... ولم يعطِ ملايين غيري
أعطاني بسبب جهادي الكثير ...
بسبب أصوامي وصلواتي وسهري وتعبي وعرقي ودموعي

  • صوت : ...
لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ.
(فيلبي 2 : 13 )
الذي جعلك تريد أن تجاهد هو الله
والذي أعانك لكي تكمل عمل الجهاد هو الله أيضا

  • المغرور : ...
ولكن الذي يميزني هو إيماني
لولا إيماني القوي ... لما أدركت مشيئة الله ... وما أطعت ندائه

  • صوت : ...
كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَارًا مِنَ الإِيمَانِ.
(رومية 12 : 3 )
فحتى مقدار إيمانك هو عطية من الله

  • المغرور : ...
حسنا ... فقد أعطاني أنا إيمان قوي لم يعطه لغيري

  • صوت : ...
هذا ليس لشيء جيد فيك ...
بل هي رحمة الله الذي يشاء خلاص جنس البشر
هو في كل جيل وفي كل مكان يختار له شهود
يعدهم ويؤهلهم لكي يشهدوا له
لكي يخلص الخادم ويخلص به المخدومين

ثم من تظن نفسك ؟
أين أنت من تلاميذ المسيح ورسله
أين أنت من مار بولس ومار مرقس
أين أنت من مار جرجس وفيلوباتير مرقريوس ومار مينا
أين أنت من أنبا أنطونيوس وأنبا مقار وأنبا باخوميوس
أين أنت من البابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث والبابا تاوضروس الثاني
أين أنت من الأنبا يؤأنس أسقف الغربية السابق
من تظن نفسك ... وأين أنت من كل هؤلاء ؟

لقد إختارك الله كما إختار كل هؤلاء لكي تخدمه
فإن أطعته ... فما أنت إلا عبد بطال
كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ، لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا».
(لوقا 17 : 10 )

وإن لم تطع فالويل لك
لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ.
(كورنثوس الأولى 9 : 16 )

  • المغرور : ...
يا رب إرحم
حقا ... أنا مجرد قزم ضئيل جدا بالمقارنة بكل هؤلاء
ولكن ما هو الإتضاع إذن ؟؟؟

  • صوت : ...
الإتضاع هو أن ترى ذاتك تحت الخليقة كلها

  • المغرور : ...
وكيف يكون ذلك ؟

  • صوت : ...
تذكر خطاياك
وإعلم أن أي شيء جيد فيك مصدره هو نعمة الله
وأن نعمة الله التي أعطيت لك لو وهبت لأي إنسان آخر غيرك لجاهد أكثر منك أضعافا مضاعفة
ولصار الآن أفضل منك بمئات بل آلاف المرات

  • المغرور (بدموع) : ...
اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ.
(لوقا 18 : 13 )

الخميس، 18 سبتمبر 2014

كيف أفرح ؟

اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. (فيلبي 4 : 4 )اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا. (فيلبي 4 : 4 )

سؤال حير العالم ...
كل إنسان يريد أن يفرح ... الجميع يتعبون ويشقون من أجل البحث عن السعادة
وقليلون هم الذين يجدونها

الغالبية العظمى من البشر يبحثون عن السعادة في العالم
مستعبدين للفساد الذي في العالم بالشهوة
شهوة الجسد ... وشهوة العيون ... وشهوة العظمة
أي اللذة الجسدية بكل أنواعها من الشراهة في الطعام
والكسل والنوم والراحة والرفاهية
والعظمة والسلطة والقوة والكرامة والافتخار

مع أنه مكتوب : ...
كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا
(يوحنا 4 : 13 )

فالعالم لم ولن يشبع أي إنسان على وجه الأرض
نرى ونسمع كثيرا عن أغنياء ذوي جاه ونفوذ ... لكنهم مكتئبين
بل قد يصل الاكتئاب ببعضهم إلى حد الإنتحار !!!

أما مصدر الفرح الحقيقي الوحيد ... فهو الله
ولكنك لكي تتذوق فرح الله - يجب أن تتسلح أولا بالإيمان
ومن منطلق الإيمان تبدأ تجاهد كحبيب يريد أن يرضي حبيبه

فَإِنِّي أَغَارُ عَلَيْكُمْ غَيْرَةَ اللهِ، لأَنِّي خَطَبْتُكُمْ لِرَجُل وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ.
(كورنثوس الثانية 11 : 2 )

فيجب أن كل ما تفعله يكون بدافع الحب
إرضِ حبيب نفسك ... وإسعده - ان جاز التعبير
فرحه بك ... إكسب رضاه

تفنن كيف ترضيه وتفرح قلبه
بالصلاة والتسبيح
بتقضية الوقت الطويل معه
بالقراءة عنه والحديث عنه
بالتعب من أجله في خدمة وعمل واجتهاد
في صوم وسهر وسجود
في احتمال لضعفات الآخرين
بتقديم الهدايا له
البكور والعشور والنذور
وبالتناول من جسده ودمه الأقدسين

وهذه في الخقيقة هي نفس لغات الحب التي يمكن أن يعبر بها البشر عن حبعهم بعضهم نحو بعض
وهي كلمات التشجيع
وتكريس الوقت
والخدمة والتعب
والهدايا
والملامسات الجسدية

وذلك حسبما وردت في كتاب لغات الحب الخمس للمؤلف جاري تشابمان
وقد ترجمتها إلى لعات العبادة بيننا وبين الله

إجعل عبادتك تعبير عن الحب
ومحاولة لإسعاد من تحب - ان جاز التعبير - أي الله

وإعلم يقينا أنه كلما فرحت الله بك ... كلما فرحك أنت
فمزاج الإنسان يعبر عن صورة وجه الله تجاهه
أي إن الله إذا كان فرحانا بك
لابد وأن تكون أنت أيضا فرحانا مسرورا
والعكس صحيح !!!

مع ملاحطة أنه توجد فترة إنتقالية بين إيمانك وفرحك بمحبة الله
وهذه الفترة هي ما يسمى بالرجاء
فأنت فيها تجاهد - ويختبر فيها صدق إيمانك وثباته
وينمو ايمانك ويتقوى
حتصل تجتاز من الايمان ومن خلال الرجاء
إلى المحبة
ومحبة الله هي الفرح !!!
اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: افْرَحُوا.

الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

نمو المحبة



المحبة ليست مجرد انفعال خارج عن إرادتنا وليس لنا القدرة على التحكم به
ولكنها موقف شخصي ... أو قرار عقلي قبل أن تكون مشاعر قلبية

فالانسان الذي يدرب نفسه على المحبة سيجتهد طوال اليوم على قبول جميع الناس ومحبتهم
أما الانسان الغافل عن هذه الفضيلة فسوف تتحكم به مجموعة من الاتجاهات والذكريات والمفاهيم
والتي سوف تجعله يحب أشخاصاً دون أن يدري لماذا - كما أنه سوف يكره آخرين أيضا دون أن يدري لماذا !!!

ويجب على المسيحي أن يجاهد لإقتناء المحبة
والثبات في المحبة ... والنمو في المحبة ... وأن يتأصل في المحبة
وهو جهاد طويل وشاق ... ولكنه ممتع جدا في نفس الوقت

فمكافأة المحبة هي المحبة ذاتها !!!

أما الحقد والكراهية فهما عقوبة من يكره !!!

يجب على كل إنسان مسيحي أن يحب كل الناس كل الوقت

وأن يتخذ لنفسه تدريبا أن يفعل مثل سيده المكتوب عنه ...
فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ،
(مرقس 10 : 21 )

هكذا يجب أن تدرب نفسك على تحريك مشاعر الحب في قلبك كلما نظرت إلى أي إنسان
مع مراعاة التعفف في النظر كما قال القديس مار إسحق : ...
لا تملأ عينك من وجه إنسان

وعندما يبدأ الانسان بجهاد المحبة ... يحاربه عدو الخير بعداوات كثيرة متدرجة في الزيادة
لأن الله محب البشر الصالح رؤوف وحنون بنا جدا

لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا.
(كورنثوس الأولى 10 : 13)

لذلك سوف تجد في البداية من يحزنك بسخرية خفيفة أو بتجاهل أو تهميش
وعندما تنجح في الإحتفاظ بمحبتك سوف تزداد شدة العداوة المقدمة لك تدريجيا

فسوف تجد بعد ذلك من من يسيء إلى سمعتك ويشهر بك
ثم تجد من يهاجمونك ويحاربونك مواجهة
ثم تجد من يقوم بحملات منظمة ضدك لاثارة الناس عليك وتشويه صورتك في أعينهم أو طردك من بينهم
طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ.
(متى 5 : 11 )

وهكذا كلما تنجح في محبة عدوك ... كلما زادت العداوة التي سوف تُقَدَم إليك
فلا تحزن ولا تنزعج
فإنت كنت أمينا لإلهك فهذه علامة صحية تثبت أنك في الطريق الصحيح
بل إن العكس صحيح أيضا
فيجب ألا تفرح إن كان جميع الناس يمدحونك
فإن هذه ليست علامة صحية : ...
وَيْلٌ لَكُمْ إِذَا قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ النَّاسِ حَسَنًا. لأَنَّهُ هكَذَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ.
(لوقا 6 : 26 )

المهم أن تكون واعيا ومنتبها لقلبك جداً ... ولا تسمح أبدا بدخول مشاعر الحقد والكراهية إليه أو بقاؤهما فيه !!!

إليكم بعض آيات عن المحبة : ...

وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ،
(أفسس 3 : 18 )

وَالرَّبُّ يُنْمِيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ فِي الْمَحَبَّةِ بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ، كَمَا نَحْنُ أَيْضًا لَكُمْ،
(تسالونيكي الأولى 3 : 12 )

أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ.
(كورنثوس الأولى 13 : 13 )