الأحد، 21 سبتمبر 2014

هل يجب أن نخاف الله ؟

.
القديس العظيم أنبا أنطونيوس.
القديس العظيم أنبا أنطونيوس
قيل عن الأنبا أنطونيوس أنه في ذات مرة قال لأولاده الروحيين :
يا أولادي : أنا لا أخاف الله
فردوا عليه قائلين : هذا الكلام صعب يا أبانا
فقال لهم أنبا أنطونيوس : أنا لا أخاف الله لأني أحبه

كثيرون للأسف يسيئون فهم قول الأنبا أنطونيس هذا : ...
يا أولادي : ... أنا لا أخاف الله لأني أحبه
ويظنون أن ذلك يجب أن يكون منهجنا لهم في الحياة الروحية

مع أنه مكتوب : ...
رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللهِ. إِنَّهَا تَوَلَّدَتْ فِي الرَّحِمِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَعَلَتْ عُشَّهَا بَيْنَ النَّاسِ مَدَى الدَّهْرِ، وَسَتُسَلِّمُ نَفْسَهَا إِلَى ذُرِّيَّتِهِمْ.
(يشوع بن سيراخ 1 : 16 )
وأيضا
فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ، وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ اللهِ.
(أمثال 5 : 1)
وفي رسائل معلمنا بولس الرسول
فَإِذْ نَحْنُ عَالِمُونَ مَخَافَةَ الرَّبِّ نُقْنِعُ النَّاسَ. وَأَمَّا اللهُ فَقَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ لَهُ، وَأَرْجُو أَنَّنَا قَدْ صِرْنَا ظَاهِرِينَ فِي ضَمَائِرِكُمْ أَيْضًا.
(كورنثوس الثانية 5 : 11 )

فالقديس أنبا أنطونيوس الذي عاش مائة وخمسة سنة ، لم يقل هذا القول في صدر شبابه وبداية توبته
ولكنه قاله في أواخر حياته
أي بعد عشرات السنوات من الجهاد الروحي الشاق في البرية
والنمو في الخبرة الروحية والحياة مع الله

والقديس مار إسحق السرياني يفسر لنا هذا الأمر قائلا : ...
كما أنه يستحيل عبور البحر العظيم بدون سفينة
هكذا يستحيل الوصول إلى محبة الله بدون مخافته 

إذن من كل ما سبق نفهم أنه من الضروري جدا لنا كلنا أن نبدأ بمخافة  الله
ونسعى إلى إتقانها وأن تملأ كل كياننا كقول المزمور

قَدِ اقْشَعَرَّ لَحْمِي مِنْ رُعْبِكَ، وَمِنْ أَحْكَامِكَ جَزِعْتُ.
(مزمور 119 : 120 )

أو كما في ترجمة أخرى (سمر خوفك في لحمي)
وأيضا
قَدِّسُوا رَبَّ الْجُنُودِ فَهُوَ خَوْفُكُمْ وَهُوَ رَهْبَتُكُمْ.
(إشعيا 8 : 13 )

يجب علينا إذن أن ندرب أنفسنا على الشعور بالوجود الدائم في حضرة الله
وأن يقترن هذا الشهور بالمخافة والمهابة والإحترام اللائقين به
الله يملأ كل الوجود فهو حولك وأمامك وفوقك وتحتك
هو يغمرك كالهواء ويشرق عليك كالشمس وعيناه تنظر إليك دائما

درب نفسك على هذا الشعور دائما وليكن مصحوبا بالرهبة والوقار اللائقين بجلالة الله ومهابته
فلا تفعل شيئا غير لائق حتى لو كنت وحدك في مكان لا ينظرك فيه أحد

وتذكر قول القديس مار إسحق السرياني : ...
إلزم مخافة الله تصل باب الملكوت خلال أيام قليلة ولا تجعل طريقك مستديرة

إذن فإن بداية الطريق الروحي هي مخافة الله
وغايته هي محبة الله
فلا تدعي أنك وصلت للغاية حتى قبل أن تبدأ !!!

لوحة تجربة أو إغراء القديس أنطونيوس الراهب بقطعة ذهب، رسم الفنان فرا أنجيليكو (1395-1455)، زخرفة على لوح بمقاس 19.7×28 سم، مرسومة تقريباً سنة 1436، محفوظة في متحف الفنون الجميلة، هيوستون

ليست هناك تعليقات: