الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

في إعداد الخدام - 1 - مقدمة


  1. من هو الخادم ؟
  2. لماذا الخدمة ؟
  3. من هو الذي يجب أن يخدم ؟
  4. ما هو الطريق الروحي للخادم ؟
  5. أسس وقواعد الطريق الروحي
  6. هل تحتاج الخدمة لشيء آخر غير السير في الطريق الروحي ؟
  7. أين ينمو الخادم ؟


بداية نسأل سؤال ... من هو الخادم ؟

الخادم هو انسان ذاق حلاوة الرب ... فيجول قائلا للآخرين : ...
ذُوقُوا وَانْظُرُوا مَا أَطْيَبَ الرَّبَّ! طُوبَى لِلرَّجُلِ الْمُتَوَكِّلِ عَلَيْهِ.
(مزمور 34 : 8 )

هو إنسان أمسك في يد المسيح ... فأحس بالسلام والطمأنينة ...
فمن حبه للمسيح ولخليقته يجول يمسك بأيدي الساقطين والمتعبين والحيارى ليضعها في يد السيد المسيح أيضا  ...

هو إنسان أحب الله ... فأحب خليقته ... فجال يسكب عليهم من هذا الحب ...

هو إنسان إقتنى بصيصا من النور ... فيجول ينير لجميع الذين في الظلمة من حوله ...
هو إنسان سار ولو قليلا في الطريق ... فسبق إخوته ...
وعرف بعضا من تفاصيل الطريق لم يعرفوها هم بعد ...
فيجول يرشدهم إلى الطريق الصحيح ...

فالخادم إذن هو إنسان يتتلمذ ممن سبقوه ... ويحاول في نفس الوقت أن يعين من سبقهم هو ...

لذلك فمن أهم أساسيات الخدمة ... أن يعلم الخادم مما إختبره هو شخصيا ...
وليس مجرد ما سمع به من الآخرين ...

دعنا الآن نتساءل سؤالا آخر ... لماذا الخدمة ؟

الخدمة واسطة من وسائط النعمة ...
هي قناة ذات إتجاهين ...
من خلالها يبذل الخادم ذاته للآخرين ...
وفي نفس الوقت - أي من خلالها أيضا - ينال نعمة الله وتعزيات الروح القدس ...

الخدمة للروح مثل الجيم للجسد ...
فبينما تذهب إلى الأخيرة لكي تتقوى عضلات جسدك ...
فأنت تذهب إلى الأولى - أي الخدمة - لكي تتقوى روحك وتكتسب إمكانيات ومواهب جديدة ...
وتشفى من عيوبها ونقائصها ...

فالخادم يخلص وهو سائر في الطريق بين إخوته الخدام وأبناؤه المخدومين ...
وكل شيء يحدث في الخدمة يرسله الله لك بحكمة من أجل فائدتك وشفاءك ونموك ...

فستجد من حولك في الخدمة من يشجعونك ... وهذا مفيد لك جدا ...
كما ستجد أيضا من يحزنوك ... وهذا أيضا مفيد لك جدا ...
بل إنه - بدون مبالغة - أكثر فائدة لك ممن يشجعونك ...
ولكنك على أي حال تحتاج إلى كلاهما في الطريق ...
والرب يسوع المسيح يرسل لك بحكمة كل ما تحتاجه في حين حسن ...

فالخدمة إذن كما سبق أن قلنا هي مسيرة في الطريق الروحي ...
يوجد من سبقونا ... وهؤلاء هم الآباء والخدام الذين نتتلمذ نحن عليهم ...
كما يوجد من هم لازالوا يحبون في بداية الطريق ...
وهؤلاء هم المخدومين المبتدئين الذين نقوم نحن بخدمتهم ...
ولكن الجميع يحتاجون إلى بعضهم البعض ...
والجميع هم جزء أساسي لا ينفصل عن الكنيسة ...

فالخدمة هي في الأساس لفائدة الخادم ... قبل أن تكون لفائدة المخدوم ...
وهو الهدف الثاني - والهام جدا أيضا - للخدمة ...

ويترتب على ما سبق إجابة السؤال التالي : ...
من هو الذي يجب أن يخدم ؟

الإجابة على هذا السؤال في ضوء ما سبق ...
هي أن كل إنسان مسيحي يجب أن يخدم ...
كل مؤمن هو مدعو للخدمة ...
وإن تنوعت وإختلفت أنواع ومجالات وأنشطة الخدمة ...
كل واحد حسب موهبته وإمكانياته ...
حتى يكتمل جسد المسيح ... أي الكنيسة ...

ولكن هنا يفرض السؤال التالي نفسه علينا ؟
ما هو هذا "الطريق الروحي" ؟
الذي ينبغي أن يسير فيه الخادم ؟

الطريق الروحي وصفه الآباء أنه فن الفنون وعلم العلوم ...
وقالوا ان أي إنسان لكي يتعلم أي صنعة لابد له أن يتتلمذ على يد معلم في تلك الصنعة ...
وهكذا سائر العلوم والفنون التي في الحياة ...

ولكن الحياة الروحية أعلى وأسمى من أي صنعة أو علم أو فن أرضي ...
إذ أن إتقانها لازم لك ... ليس فقط من أجل كسب لقمة العيش في هذه الحياة الدنيا ...
بل أولا من أجل سعادة النفس وراحتها وثمرها هنا على الأرض ...
ومن أجل السعادة الأبدية في ملكوت السموات ...

لذلك فالحياة الروحية أساسا هي حياة تلمذة ...
السيد المسيح لما أرسل رسله قال لهم : ...
فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
(متى 28 : 19 )


وللحياة الروحية أسس وقواعد تبنى عليها ... ونتعلم فنونها منها ...
أول هذه الأصول هو الكتاب المقدس ...
وهو خبز الحياة ... وهو روح وحياة ... صالح للتعليم والتأديب والتوبيخ الذي في الروح القدس ...

والأساس الثاني للحياة الروحية هو التقليد الكنسي ...
بكل ما فيها من تقاليد كتبها آباء الكنيسة ...
وطقوس وصلوات وأسرار ونظام للعبادة ...
وترتيب للأعياد والأصوام ...
وآباء روحيين معاصرين يتلمذونا ... ويعينوننا في المسير ...
وسائر ما تقدمه لنا الكنيسة من وسائط النعمة ...
ويشمل كل ما ينتجه الآباء والخدام من كتب وعظات وإجتماعات ...

والكتاب المقدس ... والتقليد الكنسي ...
كلاهما مرتبطان ويكملان بعضهما البعض ...
لا ينفصلان أبدا ...
بل ويشرحان ويفسران بعضهما البعض ...

ولكن ... هل تحتاج الخدمة إلى شيء آخر غير السير في الطريق الروحي ؟

بكل تأكيد ...
فكما يقول قداسة البابا تاوضروس الثاني - حفظه الله ...
نحتاج أن نقدم كلمة الله لأولادنا بطريقة جذابة تناسب العصر...

فالمسيحية لا تستحي أبدا من إستخدام كل منتجات الحضارة المعاصرة في الخدمة ...
مكتوب :
وبَعدُ، أيّها الإخوَةُ، فاَهتمّوا بِكُلّ ما هوَ حَقّ وشَريفٌ وعادِلٌ وطاهِرٌ، وبِكُلّ ما هوَ مُستَحَبّ وحَسَنُ السّمعَةِ وما كانَ فَضيلَةً وأهلاً لِلمَديحِ،
(فيلبي 4 : 8 - حسب الترجمة العربية المشتركة)

لذلك ينبغي على الخادم أن يكون ملما بعلوم عصره وثقافته وتاريخه ... على قدر طاقته ...
يحتاج الخادم إلى العلوم الإنسانية مثل علم النفس والتربية والصحة النفسية وطرق التدريس ووسائل الايضاح (ومن أهمها الكمبيوتر ببرامجه وتطبيقاته المختلفة) ... إلخ
لكي يستطيع أن يقدم كلمة الله بلا مانع ولا عائق ..
وبأفضل أسلوب ممكن يجذب المخدومين ويشبعهم ...

مع ملاحظة أننا لا نغير شيء في المحتوى ... ولا نتنازل عن حرف منه ... ولكننا فقط نغير ونبدع في طريقة عرضه للمخدومين ...

كما يحتاج أيضا لعلوم الادارة والتدبير لكي يستفيد بأكبر قدر ممكن من الموارد المتاحة ...

أين ينمو الخادم ؟

والخادم لكي ينمو يجب أن يكون له حلبتين للمصارعة ...
أو ميدانين للقتال ...
أو ملعبين ... إن جاز التعبير ...

الأول هو المخدع ... غرفته الخاصة ...
والآخر هو خدمته ...

يتدرب في الأول ... ويتجرب في الثاني ...
يتعلم وينمو ويكبر في الأول ... ويحصد الميداليات والبطولات أو الهزائم في الثاني ...

في المخدع يصلي ويسجد ويصوم ويسهر ويقرأ ويدرس ويبكي ...
وفي الخدمة يرى نفسه بوضوح ... في عيون الآخرين ...
فيدرك ما إكتسبه من فضائل ...
أو ما لا يزال به من عيوب !!!

إن شاء الرب وعشنا ... سوف نتناول كل العناصر التي ذكرناها في هذا المقال بشيء من التفصيل في هذه السلسة من المقالات ...

صلوا من أجل هذه الخدمة ... ومن أجلي أنا الخاطي ...

ليست هناك تعليقات: