الأحد، 1 سبتمبر 2013

شوية سياسة - 1

شوية سياسة ... (1)

السياسة - مثلها مثل أي نشاط إنساني آخر - مجال لا يخلو من الشر. أبسطه الكذب والخداع ... ولكنه يمتد ليشمل الدعارة والاغتصاب والنهب والتعذيب والقتل بل الإبادة الجماعية ...

وكل سياسي كبير ... رئيس أو من هو في مركز كبير ... لابد أنه قرأ كتاب الأمير ... لماكيافيللي ... والذي من أشهر مبادئه أن "الغاية تبرر الوسيلة". بل إن البعض كما سمعت من أحد الأدباء - يضعه تحت وسادته !!!

ولا أظن أن الشر لابد منه في السياسة ... بل إني مؤمن أنه لو أراد الله إصلاح حال بلد من البلاد ... أعد لها رئيسا بارا قديسا ... وأؤمن أن القداسة ... لا تتعارض ... لا مع السياسة ... ولا مع الرئاسة

ولنا في تاريخ الكنيسة مثالا ...
فإدارة الكنيسة ... تعتبر إلى حد كبير ... نوعا من السياسة ... غير ناسين أنها خدمة روحية مقدسة في المقام الأول ... لا يبتغي منها البابا البطريرك - على مر العصور - شيئا لنفسه ... بل هو راهب ليس له زوجة ولا ولد ... وهذا هو أمر مهم للغاية ... حيث أن الراهب يكفيه رغيف خبز وكوب ماء في اليوم ... ولا يشتهي من حطام الدنيا أكثر من ذلك ...

وإذا تذكرنا البابا كيرلس السادس ... لقد كان غير مؤهل علميا بشهادات هذا العصر ... فلا هو درس بالجامعة ... لا بالداخل ولا بالخارج ... ولا حصل على مؤهل دراسي أعلى من الثانوية العامة ... بل إنه حتى الدراسة في الكلية الإكليريكية لم يكملها ... إذ ترك الكلية وتوحد في الجبل ...

ولكن هذا البابا القديس ... كانت مؤهلاته هي نقاوة قلبه ... وطهارة روحه ... واستنارة بصيرته بالروح القدس ... لذلك فهو الذي قاد الكنيسة القبطية من فترة من فترات الركود ... إلى نهضة من أبهى وأجمل نهضاتها على مر التاريخ ...

بل إن قداسة البابا شنودة الثالث - نيح الله نفسه - بكل ما عمله من امتداد رائع في الكنيسة على مدى أكثر من أربعين سنة - كان كل ما عمله ... قد بدأه من قبله البابا كيرلس السادس ... فالبابا شنودة بابا عظيم جدا دون أدنى شك ... وهو رجل ذكي إلى حد العبقرية ... ومؤهل تأهيلا جامعيا ... ومثقف جدا بثقافة عصره ... وقديس إلى حد لا يعلمه إلا الله ... فلا عجب مما فعله لنهضة الكنيسة ... ولكن العجب كله من الذي بدأ تلك النهضة ... بأبسط الامكانيات العقلية ... ولكن بامكانات روحية جبارة ... أقصد البابا كيرلس السادس ...

أما عن الفترة التي سبقت البابا كيرلس السادس ... فقد كان واحد من أهم أسباب ركودها ... هم الحاشية التي حول البابا ...

لذلك أعود للسياسة ... فمن المهم جدا ... أن يعرف السياسي القوي ... كيف يختار معاونيه ومستشاريه ... وهذا هو الحجر الثاني المهم في أساس بناء سياسة ناجحة

فالحجر الأول هو طهارة القائد ...
والحجر الثاني هو كفاءة ... وإخلاص ... ونزاهة الحاشية !!!

(يتبع)

ليست هناك تعليقات: