الخميس، 13 فبراير 2014

يونان


يونان دخل ... جوف الحوت ... وليس بطن الحوت ...
يوجد تجويف كبير داخل رأس الحوت يملأه بالهواء لكي يستخدمه في التنفس أثناء الغطس ... وهو متصل بتجويف الفم ...
فإذا دخل فم الحوت جسم غريب خزنه في هذا التجويف حتى يصل إلى الشاطئ حيث يلفظه هناك لكيلا لا يعود يدخل إلى فمه مرة أخرى !!!
(المعلومة من كتاب نيافة الأنبا بولا عن الكتاب المقدس والعلم)

تأملات : ...

كما نجّى الصوم أهل نينوى ...
كذلك يستطيع أن ينجي في كل زمان ومكان !!!


عزيزي الأب/ عزيزتي الأم ...
أنت هو يونان ...
يدعوك الله بالاهتمام بخلاص أسرتك (نينوى) ...
ولكنك تفضل الهروب إلى ترشيش ... أي جمع المال وصحة الجسد والشهادات الدراسية ... لأولادك ...
ناسياً ومتجاهلاً روحيات أسرتك ...
تكون النتيجة أن يأمر الله النوتية لكي يلقوك في بحر التجارب ...
لكن لا تخف ... أنت محفوظ في جوف الحوت إلى اليوم الذي تصلي فيه مثل يونان ...
مُسلّماً حياتك لله ...
عندئذ يأمر الله الحوت أن يخرجك من بحر التجارب إلى بر الأمان ...
وتكون سبب خلاص كل أسرتك وأهل بيتك و أقاربك ومعارفك (المدينة العظيمة نينوى) !!!


الزوج هو يونان زوجته وأولاده ... والزوجة هي يونان زوجها وأولادها ...
إن هو أطاع الله وإهتم بخلاصهم ... نجى ...
وإن هو أهمل خلاصهم وهرب إلى أمور العالم ...
ألقاه النوتية في بحر التجارب !!!



عزيزي الخادم ...
أنت يونان ...
يدعوك الله لمعونة إخوتك الخدام على خلاص أنفسهم ...
ولكنك تنظر إليهم بعدم محبة وبإحتقار ...
ظاناً نفسك أبرّ منهم بمراحل ...
وبأنه لا فائدة من خدمتهم ...
فتهرب إلى تمجيد ذاتك والإعجاب بها ...
فيأمر الرب النوتية بأن يلقوك في بحر التجارب الهائج ...
حتى تختلي بذاتك (جوف الحوت) ...
وتدرك عيوبك ... وتتوب ... فيأمر الله الحوت أن يضعك على بر الأمان والمحبة ...
فتكون سبباً لخلاص كنيستك (المدينة العظيمة نينوى) !!!



عزيزي الإنسان ... كل إنسان ... أنت يونان ... بداخلك يونان !!!
وهو ضميرك الذي يدعوك للتوبة والرجوع إلى الله بكل قلبك ...
ولكنك تفضل الهرب إلى ترشيش ... العالم وشهواته ... الجسد والمال والمجد ...
تكون النتيجة أن تقع من تجربةٍ إلى أخرى أشد ... من سفينة في البحر الهائج إلى جوف الحوت المظلم ...
حتى تركع وتصلي وتتوب ...
وتبدأ في الجهاد والتوبة بكل كيانك ...
قلبك ونفسك وقدرتك وفكرك ... (نينوى) ...
فترتاح من التجارب ...
وتصير كلك نقياً (المدينة العظيمة نينوى) !!!



في ظلمة جوف الحوت ...
صلى يونان صائماً في خلوة مع الله ...
فخرج إلى النور على بر الأمان !!!
كذلك أنت إهتم بالخلوة والصلاة مع الصوم لكي ترى النور !!!

اجتهد أن تصلي وتصوم وتختلي بالله ...
لئلا تجد نفسك في جوف الحوت مرغماً على كل ذلك !!!

إن لم تخدم الله طائعاً ...
وفضلت إهتمامات الجسد والمال والمجد ... (ترشيش) ...
إضطررت إلى خدمته بعد تأديبات كثيرة (البحر الهائج ... وجوف الحوت المظلم) !!!

لا تتذمر على الضيقة ... (جوف الحوت) ...
لأنها قد تكون لحمايتك من الهلاك (الغرق في البحر الهائج) !!!


هروب يونان خلص أهل السفينة ...
وكرازة يونان خلصت أهل نينوى ...
إنسان الله أينما ذهب يكون سبباً في الخلاص !!!


يونان لم يصلّ وهو في اسرائيل ..
ولم يصلّ وهو في السفينة ...
ولا صلى وهو في نينوى ...
ولكنه صلى في جوف الحوت ...
عندما اشتدت عليه الضيقة !!!


في كل يوم ستجد مائة سبب مقنع لكي تكسر الصوم وتأكل قبل الوقت ...
ولكن "الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص" !!!

ألم الصوم يقطع إلتصاق النفس بالجسد والعالم ...
ويحررها من أسرهم ... لكي تنطلق نحو الله !!!

الصلاة من إنسان مستريح مثل حبات البخور على فحم بارد مطفأ ...
والصلاة من إنسان متألم بالصوم أو المرض أو الحزن ...
مثل حبات البخور على جمر مشتعل !!!


"إذا أردت تقويم أي فضيلة إبدأ بالصوم"
(من أقوال الآباء)

ألم الصوم وتعب الجهاد ...
هو الدليل العملي على صدق إيمانك !!!

من قصة يونان نتعلم : ...
أن سبباً أساسياً للتجارب والضيقات التي نتعرض لها (هياج البحر) ...
هو عصيان الله !!!

في الصوم ... تشعر أنك تمارس العبادة بصورة عملية ... تشمل كيانك كله !!!


يونان كان نائماً متوانياً في السفينة ...
لذلك إنتقل من تجربة العاصفة إلى تجربةٍ أشد (جوف الحوت) ...
ولكنه لما سهر مصلياً صائماً في جوف الحوت ... إنتقل إلى برّ الأمان !!!
"فقالَ لهُم: "ما بالُكُم نائِمينَ؟ قوموا وصَلّوا لِئَلاّ تَقَعوا في التّجرِبَةِ".
(البشارة كما دوّنها لوقا 22: 46 GNA)


يونان طلب لنفسه الموت ثلاث مرات ...
المرة الأولى لما قال للنوتية :
: «إِحملوني والقوني إلى البحرِ فيَسكُنَ البحرُ عَنكُم. فأنا أعرفُ أنَّ هذِهِ الزَّوبعةَ العظيمةَ حلَّتْ بكُم بِسَبَبـي».
(سفر يونان 1: 12 GNA)
لأنه كان يائساً متذمراً على التجربة ... غير منتظر لرحمة الله ...
ويقول القديس مار إسحق السرياني:
"من يتذمر على التجربة تتضاعف عليه"
لذلك إنتقل يونان من سفينة في بحر هائج ... إلى جوف حوت مظلم مخيف !!!
كان يمكن أن يطلب يونان من القبطان أن يعيده إلى بلده ... أو أن يتوجه إلى نينوى ... وأعتقد أنه كان سوف لا يمانع في ذلك من أجل إنقاذ الجميع ...
أو كان من الممكن أن يصلي تائباً طالباً رحمة الله على أن يطيعه ويفعل مشيئته فور وصوله إلى الشاطئ !!!


"فالآنَ أيُّها الرّبُّ خُذْ حياتي مِنِّي، فخيرٌ لي أنْ أموتَ مِنْ أنْ أحيا»."
(سفر يونان 4: 3 GNA)
هذه هي المرة الثانية التي تذمر فيها يونان طالباً الموت ...
لكن الله عزاه باليقطينة لأنه:
"ما أصابَتكُم تَجرِبَةٌ فوقَ طاقةِ الإنسانِ،
لأنّ اللهَ صادِقٌ فلا يُكَلّفُكُم مِنَ التّجارِبِ غَيرَ ما تَقدِرونَ علَيهِ،
بَلْ يهَبُكُم معَ التّجرِبَةِ وَسيلَةَ النّجاةِ مِنها والقُدرَةَ على اَحتِمالِها.
(رسالة كورنثوس الأولى 10: 13 GNA)


في المرة الثالثة التي طلب فيها يونان الموت : ...
"فلمَّا أشرقتِ الشَّمسُ أعدَّ اللهُ ريحا شرقيَّةً‌حارَّةً، فضربتِ الشَّمسُ على رأسِ يونانَ فأُغميَ علَيهِ، فطلبَ الموتَ لنفسِهِ وقالَ: «خيرٌ لي أنْ أموتَ مِنْ أنْ أحيا».
(سفر يونان 4: 8 GNA)
عزّاه الله بذاته ... عرّفه مشيئته ... وأظهر ليونان عيوبه وأخطاؤه ...
لأنه بالرغم من تذمره ... إلا أنه كان قد نفّذ مشيئة الله ... وفرّح قلب الله ... إذ ربح له مدينة عظيمةً !!!


ترمز اليقطينة إلى جميع التعزيات البشرية والمادية التي نفرح بها في ضيقاتنا ...
بل وحتى الآيات والعجائب التي نظن أنها بسبب برنا وتقوانا ...
لأنه مكتوب : ...
"فأجابَها يَسوعُ: "كُلّ مَنْ يَشرَبُ مِنْ هذا الماءِ يَعطَشُ ثانيةً"
(البشارة كما دوّنها يوحنا 4: 13 GNA)

ليست هناك تعليقات: