الأحد، 25 أغسطس 2013

العناد عند الأطفال


من المعروف أن العناد عند الكبار ... دليل على الغباء ... للأسف الشديد ...
مع الاعتذار للعنيدين ...
أو دعنا نقولها بأكثر دقة وتفصيلا ... هو دليل على عدم الحكمة ... وقلة الحيلة ...

وهاتين النقطتين الأخيرتين ... هما متوفرتين بكثرة عند الأطفال ...

فالأطفال لا يزالوا تعوزهم  الحكمة بشكل كبير ... كما أنهم ضعفاء قليلي الحيلة ...

فالطفل عندما يعاند أبويه ... هو يريد أن يوصل رسالة إعتراض وإحتجاج عليه ...

وللأسف فإن معظم الآباء يقابلون عناد الأطفال بالعنف ... مما يزيد الطينة بلّة ...

لأن مزيد من العنف ... يساوي مزيد من الاحجاج ... يساوي مزيدا من العناد ...

فإذا أردت أن يكف طفلك عن العناد ... يجب أولا أن تربحه ...
ولا يمكنك أن تربح إبنك بالشخط والزعيق والعنف والضرب ...

تخيل طفلك الضعيف الرقيق ... فإن عنف والديه بالنسبة له يروعه ... ويفقده الشعور بالأمان والطمأنينة ... بل يشككه أصلا في محبة والديه ...

كل الآباء يدعون أنهم يحبون أبنائهم ... ومع ذلك فإن معظم الآباء يحتدون على أبنائهم .... ويغضبون عليهم بل ويضربونهم ....

هذا مع أبسط قواعد المنطق ... يتنافى مع الحب ...
والكتاب المقدس يقول عن المحبة ...

1Co 13:4  الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. ...... الْمَحَبَّةُ ...................
1Co 13:5  وَلاَ تُقَبِّحُ وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا وَلاَ تَحْتَدُّ وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ
..............................
1Co 13:7  وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.

هذا هو وصف المحبة في الكتاب المقدس ... فلست أدري كيف يدعي الآباء أنهم يحبون أولادهم ... وفي نفس الوقت لا يحتملونهم ... ولا يتأنون عليهم ... ولا يترفقون بهم ...

أعتقد أننا محتاجون أن نغير مفهومنا عن المحبة ... فالمحبة هي بذل أولا وقبل كل شيء !!!

فيجب أن تقدم لأولادك المحبة الكافية ... بهذا المفهوم الصحيح ... وبلا حدود ... وبلا شروط ...

أولا يجب أن تكون المحبة بلا حدود ...

من أعجب ما سمعت من أحد الأمهات ... تقول لي إني أقدم لأولادي محبة ولكن ليس أكثر من اللازم !!!

لا توجد في الوجود محبة أكثر من اللازم ... قدم محبة لأولادك على قدر طاقتك ... دون حدود ... مكتوب في الكتاب المقدس إن ... "الله محبة" ... والله غير محدود .... إذن المحبة أيضا يجب أن تكون غير محدودة ...

أنا لا أتكلم عن التدليل غير الصحي والاسراف في العطايا المادية ... لا ...
بل أتكلم عن المشاعر القلبية الصادقة ... والاحتمال وطول الأناة لأبنائنا ...
يجب أن يكون كل ذلك بلا حدود ...

ثانيا ... يجب أن تكون المحبة غير مشروطة ...
يعني يجب أن تعرف أولادك وتفههم جيدا ... أنك سوف تظل تحبهم إلى الأبد ... وأنك تحبهم بلا سبب ... ودون شروط ...
إنك تحبهم بلا سبب ... أي ليس لشكلهم أو ذكائهم ... أو أي صفات أخرى تميزهم ...

وبلا شروط ... أي لا تقول ل[نائك أبدا ... "إعمل كذا علشان أحبك" ... أو "لو نجحت في الامتحان سأحبك" ... أو "لو كنت هادئا وتسمع الكلام سأحبك"

إطلاقا ... إياك أن تضع شروطا لحبك لأولادك ...


فإذا أشبعت أبناءك حبا ... يبقى أمر آخر هام جدا ... وهو الحوار ...

لقد سبق وقلنا في بداية مقالنا هذا ... أنه من أسباب العناد ... أن الطفل تعوزه الحكمة ... وه  لا يعرف الحكمة من أوامرك ونصائحك له ... لذل يعاند ... ولا يردي أن ينفذها ...

فالأمر ألأول يجب أن تشبعه حبا ... ومن هذا الحب أن يكون أسلوبك في تقديم الطلبات والأوامر لابنك ... لائقا ... هادئا ... حليما ... لأقصى حد

والأمر الثاني الهام جدا أيضا ... هو الحوار ... ناقش ابنك ... وفهمه ... وعرفه أهمية ما تطلبه منه ... إن كنت تطلب منه أن يغسل أسنانه مثلا ... أو يغسل يديه ... أو يجلس بعيدا عن مصدر البرد ... إلخ ... يجب أن تطيل أناتك ... وتشرح ... وتقبل النقاش ... حتى يهدأ عاطفيا ... ويقتنع عقليا ...

معظم الآباء للأسف ... يكسلون عن الحوار ... فينفعلون ويغضبون ... وبدلا من المناقشة ... يعلون صوتهم بل ويضربون !!!

إذا وصل الحوار إلى طريق مسدود ... ولم يسجب طفلك ... إمسكه من يده ... وإذهب به "للحمام مثلا ... ليغسل يديه ... أو يفعل ما تأمره به أيا كان" ...

فإذا رفض وقاوم ... قد تضطر إلى عقاب بسيط مثل قرصة أو ضربة بسيطة على الساق أو القدم ...

يجب أن يكون كل ذلك في جو من المحبة والمرح ... دون غضب ولا كثرة تهديدات ولا خصام ...

وما سبق أن قلناه يتضمن بالضرورة أن تقضي وقتا مناسبا مع أبناءك ... بعيدا عن العمل والأجهزة ... وقتا تعملون فيه شيئا مشتركا ... تلعبون سويا ... أو ترسمون ... أو تتحدثون ... أي شيء مشترك ... وأنت متفرغ لهم تماما ... وليس في يدك موبايل ... ولا أمامك تليفزيون !!!

فإن فعلت كل ذلك ... لا تتوقع نتائج مبهرة من أول مرة ... ولا عاشر مرة أيضا ...

فما أفسدته في عشرة سنوات ... لا يمكن أن ينصلح في عشرة أيام ...

ولكن واظب على هذه الممارسات ... ولا تيأس منها أبدا ... وستأتي بثمارها ... ولو بعد حين

أذكرك بأهم ما جاء في المقال ...

قدم لأولادك محبة ... بلا حدود ... وبلا شروط ...
إقض وقتا مناسبا مع أولادك ...
لا تنفعل ولا تغضب عليهم ...
أعطهم الأوامر بطريقة لائقة مفرحة قدر الامكان ...
ناقشهم وحاورهم ... حتى يدركوا الحكمة من وراء أوامرك ...
تنازل عن طلباتك من أولادك التي يكون مصدرها أنانيتك ... وليس مصلحتهم !!!
أصبر ... ولا تستعجل النتائج ... ولكنها ستأتي في حينها ...
قبل كل شيء ... وأهم من كل شيء ... أن تصلي من أجل أولادك ... ومن أجل |أن يعطيك الله حكمة في تربيتهم !!!

ليست هناك تعليقات: